- (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ـ الحشر: 9).
عن زيد الأصم رضي الله عنه قال: إن الأنصار قالوا: يا رسول الله، اقسم بيننا وبين اخواننا المهاجرين الأرض نصفين، قال: لا، ولكن تكفونهم المؤونة، وتقاسمونهم الثمرة، والأرض ارضكم، قالوا: رضينا، فأنزل الله (والذين تبوءوا الدار..).
لازال الحديث عن توزيع الفيء على المهاجرين والأنصار.
تعتبر مبادرة الأنصار في تقاسم أراضيهم وأموالهم مع اخوانهم المهاجرين لهو دليل على حبهم الكبير لإخوانهم الذين سبقوهم في الإيمان.
ويستمر الأنصار في ذكر فضل إخوانهم المهاجرين عليهم بالسبق بالايمان، وان القرآن الكريم دائما يقدم المهاجرين على الانصار في سياق الآيات.
يقول ابن كثير في تفسيره: وأحسن ما قيل في قوله (ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا)، اي لا يحسدونهم على فضل ما أعطاهم الله على هجرتهم، فإن ظاهر الآيات تقديم المهاجرين على الأنصار، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء ولا يختلفون في ذلك، مع ذكر الانصار الفضل للمهاجرين فهم لا يجدون في انفسهم حسدا للمهاجرين فيما فضلهم الله به من المنزلة والشرف والتقديم في الذكر والرتبة.
يقول السيد محمد فضل الله في تفسيره «من وحي القرآن»: (ويؤثرون على أنفسهم)، فهم يتنازلون عن حاجتهم لحساب حاجات المهاجرين، بحيث يعيشون الحرمان في سبيل ايجاد حالة من الاكتفاء لإخوانهم، وهذه هي القمة العليا في القيمة الروحية في البذل والعطاء.
الاحاديث كثيرة عن تضحيات الأنصار لإخوانهم المهاجرين، ولم يبخلوا بالعطايا والبذل، حتى ان الله عز وجل وصفهم بالمفلحين لأنهم سلموا من الشح.