أبو فراس الحمداني
هو الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني، يرجع أصله إلى قبيلة تغلب، ولد في العام 320هـ، قتل أبوه وهو في الثالثة من عمره، وتربى أبو فراس على يد أمه وبرعاية ابن عمه سيف الدولة الحمداني، الذي حالما أصبح حاكما لحلب، اصطحبه معه لتميزه بالأدب والفروسية والعلم.
اشتهر مجلس سيف الدولة بالعلماء والشعراء، أمثال المتنبي، والفارابي، وغيرهما، إلا أنه قرب ابن عمه منه، واصطحبه في غزواته، واستخلفه في أعماله المهمة، وانتهى الأمر بأن قلده إمارة منبج.
عاش أبو فراس مرارة الأسر والغربة في القسطنطينية بعد ان غدر به أفراد من حاشيته وأخذوه أسيرا، على أن يبادل الملك الروماني أبا فراس بابن أخته الذي كان أسيرا لدى سيف الدولة الحمداني.
تأخر سيف الدولة في افتداء أبي فراس، فوصلت غربته في السجن الى ما يقارب السنوات السبع، وعليه، نراه يخلد مشاعره وحزنه في شعره، الذي عرف باسم الروميات، إذ يفرغ فيها آلامه وحسرته على طول سجنه، متسلحا بالصبر والجلد، إلى أن تم فداؤه. توفي أبو فراس الحمداني في العام 357هـ عن عمر يناهز السابعة والثلاثين، تاركا وراءه إرثا شعريا في الديوان العربي.
ومن شعره قوله:
تغابيتُ عنْ قومي فظنوا غباوةً
بِمَفْرِقِ أغْبَانَا حَصىً وَتُرَابُ
وَلَوْ عَرَفُوني حَقّ مَعْرِفَتي بهِم
إذاً عَلِمُوا أني شَهِدْتُ وَغَابُوا
وَمَا كُلّ فَعّالٍ يُجَازَى بِفِعْلِهِ
ولا كلّ قوالٍ لديَّ يجابُ
وَرُبَّ كَلامٍ مَرَّ فَوقَ مَسامِعي
كَما طَنَّ في لَوحِ الهَجيرِ ذُبابُ