عادة تجاربك في الحياة هي التي تحدد أسلوب تفكيرك ومبادئك وربما نوعية علاقاتك مع من حولك، فالعلاقات هي كل شيء في الحياة، فإن لم تقرأ كتابا أو تتعرف على أحد فلن يتغير فيك شيء.
كعلاقة الصداقة مثلا! فهنالك فرق كبير بين علاقتي الصداقة والمصلحة، إلا أنه لا يمكن لأي علاقة أن تكون على أكمل مظاهرها وبخاصة إذا ما كانت قوية وطويلة الأمد، إلا بعد أن تمر بمرحلة اجتياز الثقة.
وبغضّ النظر عن طبيعة ونوعية العلاقة، إلا أن المصلحة في الغالب أصبحت هي من تحكم معظم العلاقات، وبالأخص في مجتمعنا الحالي، أكانت بين الأفراد أو غيرها.
فعلاقة المصلحة تتأسس على مقتضيات المنفعة والمصلحة، ولذلك تكون مقيدة باعتبارات نفعية، وأي زلل فيها يعرضها للانهيار، بخلاف علاقة الصداقة المستوحاة من قيم إنسانية كالتعارف والتآلف والتكاتف والتعاون والتعاضد، إذ إن المبدأ الضابط الأول لهذه العلاقة هو أن ينظر الفرد دائما إلى غيره كما ينظر إلى نفسه، ويراعي عواطف وشعور الآخر مراعاة تامة ويتفهم وجهات نظره مهما كانت.
وإن كانت قيم ومبادئ الصداقة تختلف من إنسان إلى آخر إلا أنها في الغالب تقوم على مبدأ اللطف الطبيعي والإيثار الإنساني والنبل الأخلاقي وشفافية الروح.
فعندما يصبح الضمير الإنساني الخيط الناظم للصداقة يكون الشعور بالآخر موضع عناية قصوى، وتجد بها جانبا جميلا يحكمها كجانب «المراعاة»، اي ان تراعي من تحب، وتمتنع عما لا يحب وان كنت تراه صحيحا، ومثل هذه المراعاة تصبح مبهجة لكلا الطرفين، فيرون انفسهم كيانا واحدا يجب ان يستمر، وليس كمن يرون رغباتهم اهم من استمرارهم معا.
والعلاقة تختلف في مدى أثرها وتأثيرها سلبا أو إيجابا، لذلك فإن اختيار الأفضل يؤدي دائما إلى الأفضل، لأن العلاقات اصبحت إحدى طرق الدعم الذاتي.
ومن الطبيعي أن يحظى المرء بعلاقات نوعية وصحية، وهذا يحدث بشكل تلقائي وعفوي ولكن هنالك فارقا كبيرا بين أن يحظى المرء بعلاقات نوعية وطبيعية وعلاقات خاطئة أو غير فاعلة.
ومن حقنا كأشخاص أن نحدد نوعية أصدقائنا، فللصداقة ثمنها، ويمكننا أن نتعلم منهجية الاختيار فالاختيارات النوعية تخلق العلاقات النوعية.
والتواصل مع الأشخاص الإيجابيين يمنحنا تيارا متدفقا من الأفكار والتصورات والتجارب الثرية.
واحيانا تميل العلاقات بشكل طبيعي إلى الفتور، وذلك بعد أن تستنفد طاقتها تدريجيا، إذا لم تتجدد فقد تبذل قصارى جهدك بإرساء علاقة ما عند بدايتها، ومن ثم تتركها للزمن من دون أن تقوم بجهود إضافية لديمومتها، فالعلاقات ما هي إلا ثمار الوقت المستثمر فيها، فكلما قدمت المزيد جنيت المزيد.
وفي عالم الناس، ينبغي أن نتعلم الكثير عن طبائع الناس وأنواع العلاقات.