يعد الشحن البحري من أقدم صور الشحن التاريخية وذلك عن طريق السفن التجارية التي تطورت عبر الزمن لتصبح ناقلات وبواخر تجارية عملاقة تجوب البحار والمحيطات. ونظرا لأهمية الشحن البحري منذ فجر التاريخ قامت الكثير من الدول ببناء أساطيل سفن تجارية لتسهيل حركة تبادل البضائع على مستوى العالم.
فهو يمد الاقتصاد العالمي بالحياة، ويؤثر بشكل ملموس على التجارة العالمية وتطور الاقتصاد، خصوصا أنه مسؤول عن نقل ما يزيد على 80 بالمئة من مجمل التجارة العالمية في كل أنحاء العالم. حيث يفوق عدد سفن الحاويات النشطة المخصصة للشحن في العالم الـ 6500 وحدة في نهاية 2022، حيث يهيمن على صناعة الشحن البحري عدد محدود جدا من شركات الشحن.
٭ ٭ ٭
فيما يتعلق بالشركات المسيطرة على الشحن البحري فقد أوضحت تقارير سابقة للغرفة الدولية للملاحة أن الشركات التي تتربع على التوالي في المراتب الثلاثة الأولى في العالم هي MSC وMaersk وCMACGM، من ناحية أكبر شركات الشحن بسفن الحاويات، لافتة إلى أن هذه الشركات تستخدم أساطيل تجارية تبلغ سعتها الإجمالية 12.2 مليون حاوية نمطية، أي ما نسبته 46 بالمئة من سعة الأسطول التجاري العالمي، والبالغة 26.4 مليون حاوية نمطية. حيث تسير خطوط الشحن وذلك من مرافئ البلدان الصناعية الأكبر في العالم، كالصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند إلى مرافئ رئيسية في أوروبا وأميركا والشرق الأوسط.
٭ ٭ ٭
وعن المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية، فقد أدت الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن العابرة في البحر الأحمر من خلال مضيق باب المندب إلى تعطيل التجارة الدولية على أقصر طريق شحن بين أوروبا وآسيا.
ودخلت كبرى الشركات العالمية في أزمة نقل بحري وارتفاع أسعار الشحن، مع اضطرار السفن العملاقة إلى الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح باعتباره بديلا عن قناة السويس المصرية التي تمثل نحو 15% من حركة الشحن العالمية.
كما أدى تصاعد هجمات الحوثيين على السفن التجارية إلى اتخاذ العشرات من شركات الشحن الكبرى قرارا بالتوقف مؤقتا عن استخدام البحر الأحمر لصادرات النفط وسلاسل الإمداد العالمية من البضائع الاستهلاكية والغذائية من الشرق الأقصى ودول الخليج العربي نحو أوروبا والغرب، وتغييره بالالتفاف نحو إفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح الذي يزيد طول الرحلة الواحدة بنحو 9 أيام.
تقدر مسافة الرحلة بين الخليج العربي وأوروبا بحرا عبر قناة السويس بنحو 12000 كلم وتستغرق 14 يوما، في حين ترتفع المسافة بنحو 40% إلى نحو 20900 كلم عبر رأس الرجاء الصالح وتستغرق نحو 23 يوما.
ويرافق ذلك فرض شركات التأمين مبالغ أكبر ورسوما على السفن المتجه نحو المنطقة، وسط ما يفرضه ذلك من ارتفاع أسعار السلع والمنتجات على المستهلك، في وقت تسعى دول العالم إلى خفض معدلات التضخم.
٭ ٭ ٭
هناك تحركات دولية للتعامل مع هذا الشأن حيث تجهز الولايات المتحدة لعملية متعددة الجنسيات قالت إن هدفها حماية التجارة في البحر الأحمر وخليج عدن لتقليل حجم التأثير في الشحن العالمي.
ووافقت بريطانيا على انضمام مدمرة «دايموند» تابعة للبحرية الملكية إلى عملية تقودها الولايات المتحدة لحماية التجارة في البحر الأحمر، التي تشمل أيضا 3 مدمرات أميركية وسفينة حربية فرنسية.
لا يستبعد الخبراء والمحللون أنه في حالة استمرار تأزم حركة الملاحة في البحر الأحمر، سيتسبب في تصاعد الصراع في المنطقة، وربما يصل إلى استهداف أميركي لمواقع الحوثيين في اليمن.
HamadMadouh@
hamedmadouh919@hotmail.com