الصيت معناه السمعة، و«حي هلا» بالسمعة الطيبة والذكر الحسن فهو الباقي وما سواه ذاهب،، ويأتي أيضا معنى الصيت بالشهرة، أما الغنى فهو اليسار والثراء، وهذا ما يبحث عنه السواد الأعظم من الناس، ويجرون خلفه جريا حثيثا، بل إنه أصبح معيار تفاضل بين الناس يقيمون الناس بما يملكونه من أموال، فمن لا يملك رزما من المال لا قيمة له، مصداقا لقول أبي العيناء الشاعر العباسي:
من كان يملك درهمين تعلمت
شفتاه أنواع الكلام فقالا
إن الدراهم في المواطن كلها
تكسو الرجال مهابة وجلالا
ولا أعمم ذلك على الإطلاق حتى لا أظلم نفسي وغيري، وقد درج هذا المثل على ألسنة الناس في الماضي والحاضر، والمعنى أن يقول الناس عنك إنك غني أفضل من أن تكون غنيا، فالغنى له تبعاته، ومن يتلمس ويعش الواقع يعرف حكمة هذا المثل وأهميته في الحياة، فالصيت يعطي شهرة وسمعة أكثر من الثراء، وقد قيل في الحكم: «الصيت أفضل من الغنى العظيم، والنعمة الصالحة أفضل من الذهب والفضة»، والمثل يشير إشارة واضحة إلى أهمية الأخلاق والقيم والمثل والمبادئ على ما سواها، هذه القيم التي يجب نلتزم بها وأن تكون لنا منهجا، وهي القيمة الحقيقية للإنسان ومعدنه وجوهره بعيدا عن غناه وفقره وطبقته الاجتماعية فكل ذلك إلى زوال ويبقى الذكر الحسن، لكن، ولنضع تحت لكن خطا أحمر، ونقول إن الصيت سلاح ذو حدين إما طعنت به أو طعنك، فقد ينفعك وقد يضرك والأمر بيدك أنت، فمن الخطأ بمكان أن يكون الحصول على الصيت والشهرة بديلا عن الموهبة فيمن لا يستحق، فيكون المرء باحثا عن الشهرة من أجل الشهرة وهو خاوي الوفاض من مقوماتها، وهذه الظاهرة متفشية.
ولا شك أن الموهبة هي أساس الشهرة، أما الغنى فغنى النفس، والقناعة كنز لا يفنى، وكثيرا ما ضر المال أصحابه وجلب لهم الهم والغم والأمراض، لكن السمعة الطيبة تعطيك محبة الناس وتجعلك مرتاح البال إن كنت تستحقها فعلا، وللحديث بقية، ودمتم سالمين.