بيروت - اتحاد درويش
«قصص من الجنوب» عنوان المعرض الذي أقامه المخرج اللبناني أديب فرحات الحائز إجازة جامعية في الإعلام المرئي والمسموع في «ملتقى السفير» بالحمرا، والمتضمن 23 مادة أرشفية تروي حكايات أهل الجنوب ومآسيها في الفترة الواقعة بين 1978و 2000.
أراد صاحب المعرض التذكير بتلك الحقبة، فاستطاع أن يجمع في متنها دلالات عليها لتتقاطع المواد الأرشيفية مع المرويات القصصية لمرحلة الاحتلال الإسرائيلي الذي جثم على صدور الجنوبيين 23 سنة.
لقد شكل واقع الاحتلال وما خلفه من قتل وتدمير وتهجير منطلقا لمادة ارتكز عليها أديب فرحات ليبني عليها وقائع وحكايات وذكريات مؤلمة، يرويها كثر ممن شهدوا ماضيا ليس بالبعيد. ويتعرف الزائر للمعرض على مواد توثيقية عمل فرحات على جمعها وأرشفتها على مدى خمس سنوات لتوثيق التاريخ وإبقاء الذاكرة الجماعية حية.
يندرج المعرض ضمن مبادرة فردية عمل فرحات على جمع مواده بجهد شخصي كما قال لـ«الأنباء»: «من خلال البحث في الحقول والبساتين»، ما أتاح له العثور عن طريق الصدفة على مخلفات لبقايا شظايا ومتفجرات وصندوق خشبي كتب عليه بالعبرية، وهو مخصص للذخيرة وبدلة عسكرية لأحد الجنود الذي تركها وراءه يوم الانسحاب في 25 مايو العام 2000، وسوى ذلك مما خلفته تلك الفترة التي تحكي عن زمن الاحتلال والمعاناة اليومية.
تمكن فرحات من خلال لقاءاته مع عدد من أهالي الجنوب من تسجيل مقابلات موثقة بالصوت والصورة. فعلى سبيل المثال يتعرف الزائر للمعرض على لعبة للطفل أحمد مقلد وبالقرب منها ثيابه، وكيف كان يلهو قبل عيد ميلاده بيوم عام 1999 في أحد البساتين الواقعة على مقربة من منزل العائلة، واذ بجسم غريب يلتقطه لينفجر بين أيديه وينقل إلى المستشفى ليفارق الحياة. ويترافق ذلك مع تسجيل لوالد الطفل أحمد يخبر كيف استشهد ولده، ويدعو إلى الحرص والحذر حتى لا تتكرر التجربة، والى التوعية من مخاطر الألغام والأجسام المشبوهة.
بإمكان الزائر أن يتعرف على ما هو معروض والاستماع إلى قصص من خلال التسجيل الذي يروي أكثر من حكاية على لسان صاحبها، منها لوحة عبارة عن قطعة من القماش للأسير المحرر عفيف محمود الذي اقتيد إلى معتقل الخيام عام 1988 وبقي فيه 11 سنة. وقد عمل على التطريز على القماش في أجواء من المعاناة والتعذيب الذي كان يمارس بحق المعتقلين.
وفي ركن آخر من المعرض، عرضت رسالة للأسير علي كركي كتبها لوالدي عام 1985 خلال فترة الاعتقال. وفي التسجيل يسرد كركي تجربة الاعتقال ومعاناة الأسرى والظروف القاسية التي تعرضوا فيها للتعذيب، بأيد مكتوبة وأعين معصوبة ورؤوس مغطاة بأكياس، وكيف مات منهم العشرات تحت التعذيب.
المعرض الذي أقيم ما بين 16 و 19من الشهر الجاري في «ملتقى السفير» القائم في المبنى التابع لصحيفة «السفير» في شارع الحمرا، حضره جمع كبير من الشخصيات السياسية والثقافية والإعلامية وعدد من النواب.