قال الفضيل بن عياض:
لا تخالط سيئ الخلق فإنه لا يدعو إلا إلى شر.
وقال أيضا: لأن يصحبني فاجر حسن الخلق أحب إلي من أن يصحبني عابد سيئ الخلق.
فسيئ الخلق مذكور بالذكر القبيح، يمقته الله عز وجل، ويبغضه الرسول صلى الله عليه وسلم، ويبغضه الناس على اختلاف مشاربهم.
وان الأخلاق السيئة الخبيثة أمراض القلوب وأسقام النفوس، إنها أمراض تفوت على صاحبها حياة الأبد.
فعندما يخالط المسلم الناس، ويرى مذموما بين الخلق من خلق فليحذر نفسه منه ويبعدها عنه، فإن المؤمن مرآة المؤمن، فيرى من عيوب غيره عيوب نفسه، ويعلم أن الطباع متقاربة في اتباع الهوى. فما يتصف به واحد من الأقران لا ينفك القرن الآخر عن أصله أو أعظم منه أو عن شيء منه، فليتفقد نفسه ويطهرها من كل ما يذمه من غيره وناهيك بهذا تأديبا.
وقال أيضا: إن حسن الخلق هو الإيمان، وسوء الخلق هو النفاق.
فالأخلاق الذميمة يولد بعضها بعضا، كما أن الأخلاق الحميدة يولد بعضها بعضا.
وما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا إلا دل أمته عليه، ولا علم شرا إلا حذر أمته منه، ومن جملة الشر الذي حذر النبي صلى الله عليه وسلم منه: سوء الخلق.
فالخلق السيئ خلق فاسد متصف بالشر، لا يتفق مع الواجبات الشرعية والخلقية، وهو فعل منكر وسلوك غير صالح ينتج عن مرض القلب في الغالب.
سيئ الخلق يجلب لنفسه الهم والغم والكدر، وضيق العيش، ويجلب لغيره الشقاء، فليحذر العبد من الأخلاق السيئة، وليعلم أن من عامل الخلق بصفة عامله الله تعالى بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: من تتبع عوراتهم تتبع عورته، ومن هتكهم هتكه وفضحه، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن شاق الله شاق الله تعالى به، ومن مكر مكر به، ومن خادع خادعه.
ومن عامل خلقه بصفة عامله الله تعالى بتك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله تعالى لعبده على حسب ما يكون العبد لخلقه.
لذلك يصبح سيئ الخلق باسترساله مع خلقه بكثرة الانفعال والقيل والقال، فلاتزال نفسه شكسة يائسة فقيرة كزة محتاجة، بعكس صاحب الخلق الحسن فقلبه في راحة لأن نفسه طيبة غنية، وبينهما بون بعيد: قلب معذب وقلب مستريح (ومن كثر همه سقم بدنه) مع أنه لا يكون إلا ما قدر (ومن لاحى الرجال) أي قاولهم وخاصمهم ونازعهم (ذهبت كرامته) فإنه لا يأتي إلا بشر. وقال أبو حازم: سيئ الخلق أشقى الناس به نفسه، هي منه في بلاء، ثم زوجته ثم ولده.
فراقب نفسك واحذر تسلل الأخلاق السيئة إليها وعالجها منذ البداية يسهل الأمر عليك، وإلا فإن الداء إذا تمكن ربما أهلك صاحبه.