أحمد مغربي
في عام اتسم بالتحديات الجيوسياسية وتقلبات الأسواق وارتفاع أسعار الفائدة عالميا، أثبت القطاع المصرفي الكويتي مجددا قدرته على الصمود وتقديم أداء مالي قوي يعكس عمق استقراره المؤسسي وصلابة قواعده الرقابية، فقد كشفت مؤشرات السلامة المالية الرسمية لعام 2024 عن نتائج إيجابية تظهر قدرة البنوك المحلية على التكيف السريع مع المتغيرات العالمية، وتحقيق مستويات ربحية وتشغيلية مستقرة، مدفوعة بإدارة فاعلة للمخاطر، وقاعدة رأسمالية قوية، وسياسات رقابية متزنة من بنك الكويت المركزي.
وبأداء متماسك في مؤشرات كفاية رأس المال، وجودة الأصول، ونسب السيولة، تدخل البنوك الكويتية عام 2025 بثقة عالية وموقع تنافسي قوي على المستويين المحلي والإقليمي، مما يعزز دورها الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف الاستدامة المالية والشمول المالي.
رأسمال قوي
وفي هذا السياق، أظهرت بيانات الربع الرابع من 2024 ارتفاع معيار كفاية رأس المال إلى 19.4% مقارنة بـ 18.2% في الربع الثالث، و19.9% في الربع الرابع من 2023، أي بزيادة تفوق بكثير الحد الأدنى المطلوب بحسب معايير «بازل III» البالغ 10.5%. كما بلغت نسبة الشريحة الأولى لرأس المال إلى قاعدة رأس المال 87.8% بنهاية 2024، ما يعكس متانة القاعدة الرأسمالية.
واستقرت نسبة حقوق المساهمين إلى إجمالي الأصول عند 13.5%، في دلالة على تعزيز القوة الذاتية لتمويل العمليات واستمرار دعم الميزانيات العمومية، وهي نفس النسبة التي سجلت بنهاية 2023.
جودة أصول عالية
أحد أبرز مظاهر استقرار القطاع المصرفي هو انخفاض القروض غير المنتظمة إلى 1.5% من إجمالي القروض بنهاية 2024، مقابل 1.4% في نهاية 2023. وبلغت نسبة صافي القروض غير المنتظمة نحو 1% من صافي القروض، ما يؤكد كفاءة سياسات إدارة الائتمان وجودة الأصول.
وسجلت نسبة تغطية القروض غير المنتظمة رقما لافتا بلغ 263.5%، مقارنة بمستوى 311.9% في نهاية 2023، مما يعكس وجود مخصصات كافية واحترازية كبيرة تدعم استقرار القطاع وقدرته على امتصاص الصدمات.
سيولة كافية
بلغت نسبة السيولة الرقابية بنهاية 2024 نحو 20.9%، ورغم تراجعها عن ذروتها البالغة 22.7% في نهاية 2023، فإنها تظل ضمن مستويات آمنة، مدعومة بسياسات رقابية مرنة تضمن استمرار تدفق السيولة وتوازن السوق المصرفي.
وسجل صافي هامش الفائدة ارتفاعا تدريجيا خلال العام، من 2.7% في الربع الرابع من 2023 إلى 3% بنهاية 2024، ما يعكس تحسنا في كفاءة استخدام الأصول المدرة للفوائد، في ظل استمرار ارتفاع أسعار الفائدة وتوسع أنشطة التمويل.
ثبات في العوائد
استقر العائد على متوسط الأصول عند 1.5% طوال العام، في حين ارتفع العائد على متوسط حقوق الملكية من 11% بالربع الأول إلى 11.2% في الربع الرابع، ما يعكس تحسنا في الربحية وتعزيزا لعوائد المساهمين.
وسجلت نسبة الدخل الأساسي إلى الدخل التشغيلي ارتفاعا تدريجيا لتبلغ ذروتها عند 85% في الربع الثالث، قبل أن تستقر عند 83.4% نهاية العام، ما يشير إلى تركيز البنوك على الأنشطة التشغيلية المستدامة مثل الإقراض والخدمات البنكية، وتقليل الاعتماد على الإيرادات غير المتكررة.
ورغم تحسن العوائد، شهدت نسبة المصروفات التشغيلية إلى إجمالي الإيرادات ارتفاعا واضحا خلال العام، من 70.1% في الربع الرابع من 2023 إلى 72.6% في نهاية 2024، مع تسجيل ذروة بلغت 73.2% في الربع الثالث. كما ارتفعت نسبة المصروفات من غير الفوائد إلى متوسط الأصول من 1.4% إلى 1.5%، في مؤشر على زيادة التكاليف المرتبطة بتطوير البنية التحتية الرقمية وتوسيع الخدمات التقنية.
بالمقابل، تراجع صافي هامش الربحية من 43.4% إلى 41.2% على أساس سنوي، متأثرا بهذا الارتفاع في المصروفات، وإن بقي عند مستويات قوية تعكس ربحية مستقرة للقطاع.
نظرة مستقبلية
وبناء على هذه المؤشرات، يبدو أن القطاع المصرفي الكويتي في وضع جيد لمواصلة دعمه للنمو الاقتصادي المحلي، وتوسيع دوره في تمويل الأنشطة الإنتاجية والمبادرات التنموية، مستفيدا من قاعدة مالية صلبة، وإطار رقابي متقدم وقدرة واضحة على تحقيق التوازن بين النمو والحوكمة الرشيدة.
تجدر الإشارة إلى البنوك الكويتية حققت نموا في صافي الأرباح المحققة عن العام الماضي بنسبة 8.14%، إذ بلغ صافي الربح عن 2024 نحو 1.66 مليار دينار، مقارنة بـ 1.53 مليار لعام 2023، بزيادة نحو 125 مليونا، وشكلت أرباح بنك الكويت الوطني وبيت التمويل الكويتي من إجمالي الأرباح المحققة على مستوى القطاع المصرفي 72.3%.