- «تحقيق الوزراء» لا تخالف اختصاص النيابة.. والقانون أوجب حضور رئيس نيابة
- قرار «التجارة» بمنح تراخيص شركات تنظيم المناسبات لم يتضمن أي تفرقة أو تمييز
- قانون حماية الأموال العامة بمعاقبة المتسبب بضرر جسيم واضح لا التباس فيه
- اشتراط عدم زيادة تكاليف «مقاولي الباطن» في ضريبة الدخل.. خارج رقابة المحكمة
عبدالكريم أحمد
قضت غرفة المشورة في المحكمة الدستورية بعدم قبول طعن طالب بعدم دستورية المادة 3 من القانون 88 لسنة 1995 بشأن محاكمة الوزراء فيما تضمنته من تشكيل لجنة تحقيق من ثلاثة مستشارين كويتيين في محكمة الاستئناف تختص بفحص البلاغات المقدمة وتكون لها كل الاختصاصات المقررة قانونا لسلطات التحقيق، على قول من الطاعن بأنها تخالف المادة 167 من الدستور التي جعلت اختصاص تولي الدعوى العامة باسم المجتمع للنيابة العامة.
وذكرت حيثيات حكم المحكمة أن الادعاء بعدم دستورية هذا النص غير صحيح وذلك لأنه نظرا لخصوصية وأهمية الجرائم التي تختص بها محكمة الوزراء، فقد ارتأى المشرع أن تتولى لجنة تحقيق خاصة مشكلة من 3 مستشارين كويتيين أعمال التحقيق فيها، مضيفة أن القانون لم يغفل دور النيابة وأوجب حضور أحد أعضائها ممن لا تقل درجته عن رئيس نيابة جلسات التحقيق وإبداء ما يراه من طلبات، كما نص على أن النيابة هي التي تباشر مهمة الادعاء أمام المحكمة.
الأموال العامة
وقضت الغرفة كذلك بعدم قبول طعن طالب بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 14 من القانون 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة التي تعاقب الموظف العام إذا تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم وظيفته وكان ما ارتكبه من خطأ جسيم وترتب على الجريمة إضرار بأوضاع البلاد المالية أو التجارية أو الاقتصادية أو بأية مصلحة قومية لها، قولا من الطاعن بأن هذا النص قد خالف مبدأ شرعية الجريمة والعقوبة إذ جاءت عباراته غير محددة وغير واضحة يمكن تحميلها بأكثر من معنى على نحو قد تتعدد معه تأويلاتها فيما يتعلق بمفهوم الخطأ الجسيم وحدوده والضرر الجسيم ما يعد إخلالا بالحرية الشخصية التي كفلها الدستور في المادة 30، كما طعن بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 20 من ذات القانون التي لم تجز تطبيق المادة 81 بأي حال على جريمة من الجرائم المذكورة في هذا القانون إلا إذا بادر الجاني برد الأموال موضوع الجريمة كاملة قبل إقفال باب المرافعة في الحالات التي يجب فيها الرد، إذ أقامت بذلك تمييزا غير مبرر بين مرتكبي جرائم الاعتداء على المال العام العمدية الذين يلتزمون بالرد فيجوز تطبيق المادة 81 في حقهم ومرتكبي تلك الجرائم عن طريق الخطأ فيمتنع تطبيق تلك المادة في شأنهم لعدم التزامهم بالرد بالمخالفة لمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص فضلا عن إخلالها بضوابط المحاكمة العادلة المنصفة، والمنصوص عليها في المواد 7 و8 و29 و34 و163 من الدستور.
وأرجعت المحكمة عدم قبولها الطعون إلى أنه سبق أن خلصت في قرارها الصادر بغرفة المشورة بجلسة 10 يوليو 2024 في الطعن المباشر رقم 5 لسنة 2024 - المقام من الطاعن نفسه - إلى أن عبارات الفقرة الثانية من المادة 14 المطعون فيها قد جاءت واضحة جلية بصورة لا التباس أو غموض فيها تنبئ بجلاء عن صور الخطأ المتطلب فيها والأضرار التي قد تلحق جهة العمل بسببه والعقوبة المقررة على هذه الأفعال، ولا يعيب النص أن يترك للقاضي تقدير مدى جسامة هذا الخطأ أو الأضرار المترتبة عليه على ضوء الوقائع المادية المثارة أمامه، فلا يكون النص بذلك قد خالف مواد الدستور سالفة البيان، كما أكدت المحكمة في ذات القرار أن الطعن على الفقرة الأولى من المادة 20 من القانون لا يحقق مصلحة معتبرة للطاعن تجيز له إقامة طعنه عليها، إذ ان هذه المطاعن إنما تتعلق بالعقوبة المقضي بها وسلطة القاضي في تقرير الامتناع عن النطق بالعقاب، وقد ثبت أنه قد حسم أمر الاتهام المنسوب للطاعن بتسببه بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل لديها، وقضي بإدانته بحكم بات يمتنع مراجعته أو التعقيب عليه ومن ثم فإن القضاء بعدم دستورية ذلك النص - على فرض صحة المطاعن الموجهة إليه في خصوص منع القاضي من استعمال سلطته التقديرية بتقرير الامتناع عن النطق بالعقاب - لن يرتب أثرا على الحكم الصادر بإدانته مادام أنه لا يمتد إلى إزالة نص التجريم في ذاته، فلا يترتب عليه إعادة محاكمته عن ذات الفعل مرة أخرى، إذ يظل مسؤولا عن الخطأ المرتكب وعن تعويض الأضرار التي لحقت بجهة عمله بسببه، وبالتالي لا تتوفر له مصلحة شخصية مباشرة في الطعن، وإذ أعاد الطاعن في الطعن الماثل توجيه ذات المطاعن إلى نص المادتين سالفتي البيان، فإنه يكون قد تخلف مناط قبول طعنه، ولا يجديه بعد ذلك إضافة الطعن على المادة 21 مكررا من القانون، والتي نصت على عدم انقضاء الدعوى الجزائية عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بمضي المدة، إذ لا يتصور أن ينظر إلى تقادم الدعوى الجزائية بعد صدور حكم بات فيها بإدانته وتنفيذ ذلك الحكم، فضلا عن أن هذا التقادم لا علاقة له بدعوى التعويض التي أقامتها جهة عمله لمطالبته بالتعويض عن الأضرار التي تسبب فيها، والتي ترتكن فيها إلى أحكام المسؤولية التقصيرية، فلا تتوفر له مصلحة شخصية مباشرة في الطعن على هذه المادة أيضا، كما لا يغير من ذلك القول بأنه لا يزال يعاني من الآثار المعنوية والأدبية للحكم الصادر بإدانته، إذ ان المصلحة المعتبرة قانونا لا يتصور فيها أن تكون محض مصلحة نظرية غايتها إبطال النصوص المطعون فيها إبطالا مجردا، بل يجب أن تعود على الطاعن فائدة مباشرة من طلب إبطالها، الأمر الذي يغدو حريا التقرير بعدم قبول الطعن مع مصادرة الكفالة.
حماية المستهلك
كما قضت الغرفة بعدم قبول طعن طالب بعدم دستورية قرار وزير التجارة والصناعة رقم 227 لسنة 2024 بشأن تعديل القرار رقم 27 لسنة 2015 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 39 لسنة 2014 بشأن حماية المستهلك، فيما تضمنه من إضافة المادة 40 مكررا إلى اللائحة والتي أجازت لوكيل الوزارة إصدار قرار بمنح تراخيص حصرية وشاملة للشركات أو المؤسسات المعتمدة من الجهات الرسمية المختصة لتولي تنظيم المناسبات والاحتفالات الوطنية الكبرى، قولا من الطاعن بأن هذه المادة قد تضمنت أحكاما لم ترد في القانون 39 لسنة 2014 في شأن حماية المستهلك وغير لازمة لتنفيذه وتنطوي على تعديل لأحكامه.
وذكرت الغرفة في حيثيات حكمها أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المساواة أمام القانون تتحقق بتوافر شرطي العمومية والتجريد في القاعدة القانونية، وكان البين أن القرار المطعون فيه قد أجاز منح تراخيص حصرية وشاملة للشركات أو المؤسسات المعتمدة من الجهات الرسمية المختصة لتولي تنظيم المناسبات والاحتفالات الوطنية الكبرى، وذلك موجب قاعدة عامة مجردة تطبق على جميع المخاطبين بأحكامه دون أي تفرقة أو تمييز بينهم، فيكون الادعاء بمخالفته مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص على غير أساس صحيح ويضحى مرد الأمر في هذا الشأن إلى كيفية اختيار الشركات التي يرخص لها بذلك، وهو أمر يتعلق بتطبيق النص فيخرج عن نطاق رقابة هذه المحكمة.
ضريبة الدخل
ورفضت الغرفة أيضا طعنا أقامته إحدى الشركات وطلبت فيه عدم دستورية البند «أولا/ ب» من القاعدة التنفيذية رقم 28 من القواعد والتعليمات التنفيذية لمرسوم ضريبة الدخل الكويتية رقم 3 لسنة 1955 والمعدل بالقانون رقم 2 لسنة 2008 الصادرة بالقرار الإداري للوكيل المساعد للشؤون المالية والضريبية رقم 875 لسنة 2013 تضمنته من اشتراط عدم زيادة تكاليف ومصروفات أعمال مقاولي الباطن عن إيرادات هذه الأعمال حتى يتم خصمها من الدخل الضريبي، بالمخالفة للمادة 3 من مرسوم ضريبة الدخل التي أوجبت خصم جميع المصروفات والتكاليف التي أنفقت لتحقيق الدخل الخاضع للضريبة، والمادة 3 من اللائحة التنفيذية للقانون 2 لسنة 2008 التي حددت ما يشترط في المصروفات والتكاليف المسموح بها التي يتم خصمها من الدخل الخاضع للضريبة، وحصرت هذه الشروط في أن تكون ضرورية لتحقيق الدخل الناتج عن النشاط وأن تكون حقيقية مؤيدة بالمستندات وأن تتعلق بالفترة الخاضعة للضريبة، مشيرة إلى أن النص المطعون فيه بذلك قد أضاف شرطا لم يرد بالقانون أو لائحته التنفيذية وهو ما يصمه بعدم الدستورية لمخالفته مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ عدم جواز إنشاء ضريبة أو تعديلها إلا بقانون ومبدأ عدم جواز تطبيق القوانين واللوائح بأثر رجعي.
وأرجعت الغرفة عدم قبول الطعن إلى أن أسباب الطعن قد جاءت منصرفة أساسا إلى مخالفة النص المطعون فيه من القواعد والتعليمات التنفيذية لمرسوم ضريبة الدخل الكويتية، للقانون الذي صدر تنفيذا له، لعدم تضمن القانون الشرط الذي أورده لخصم المصروفات والتكاليف المتعلقة بأعمال مقاولي الباطن من الدخل الخاضع للضريبة، ذلك أن النص المشار إليه لم يتضمن إنشاء لضريبة جديدة أو تعديلها، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محل الرقابة القضائية التي تباشرها بشأن مدى دستورية اللوائح، مناطها هو قيام التعارض بين نص فيها ونص في الدستور، فإذا أصاب القرار المطعون فيه عوار مخالفة القانون فإن هذا العيب عندئذ يعتبر متعلقا بمشروعيته، كافيا وحده لطلب إلغائه أمام الدائرة الإدارية التي أصبحت هي وحدها دون غيرها المختصة بإلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقوانين منذ صدور المرسوم بالقانون رقم 20 لسنة 1981 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1982، إذ يكون على الدائرة الإدارية قبل تطبيق أي نص لائحي أن تستوثق من مشروعيته ومطابقته للقانون، ومن ثم يخرج النص المطعون فيه عن نطاق الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية.