استضافت ماليزيا أمس منتدى اقتصاديا ثلاثيا بين رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والصين تزامنا مع القمة الثانية لقادة آسيان ومجلس التعاون والقمة الأولى لقادة آسيان ومجلس التعاون والصين اللتين اختتمتا الثلاثاء.
ودعا رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال المنتدى، مجتمع الأعمال وقادة الشركات والقطاعات الصناعية في دول آسيان ومجلس التعاون الخليجي والصين إلى «اغتنام الزخم» الذي أحدثته المناقشات رفيعة المستوى خلال القمتين وتحويله إلى نتائج اقتصادية ملموسة تخدم شعوب الدول المشاركة.
وقال ابراهيم إن «القادة السياسيين أدوا دورهم من خلال ضمان وضوح السياسات والاستقرار الإقليمي»، مضيفا أن مسؤولية التنفيذ باتت تقع على عاتق القطاع الخاص «ولقد قدمنا الدعم وضمنا وضوح السياسات والآن عليكم أن تترجموا هذا الموقف السياسي الواضح وهذه السياسات الاقتصادية إلى نتائج تعود بالنفع على بلداننا».
واعتبر نتائج قمتي «آسيان» والخليج والصين أنهما شهادة على موقع ماليزيا و«آسيان» المركزي في التواصل الفعال والالتزام القوي بالأسس الاقتصادية، مشيرا إلى ما أظهره قادة «آسيان» من «بصيرة وحزم» في معالجة القضايا الأكثر حساسية مما يعكس استقلالية الرابطة ووحدتها وأهميتها الاستراتيجية المتنامية.
ولفت إلى تنامي الشراكة بين «آسيان» ودول «التعاون»، واصفا إياها بـ«المحرك الديناميكي»، مستشهدا بمرونة دول الخليج وقوة قطاع الطاقة فيها وريادتها في الرقمنة والذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن الصين «أثبتت بلا أدنى شك» قدرتها على إحداث التغيير بالاقتصاد والتكنولوجيا وتقديم نموذج للعالم أن الاتحاد والتركيز على ما هو جوهري للإنسانية يقودان نحو العدالة والإنصاف للجميع.
من جهته، قال نائب رئيس الوزراء الماليزي زاهد حميدي، خلال أعمال المنتدى، إن ماليزيا بصفتها رئيس «آسيان» لعام 2025 تواصل تعزيز موقعها كـ «ميسر محوري» للتقريب بين الاقتصادات الإقليمية، لاسيما بين «آسيان» ومجلس التعاون الخليجي والصين.
وأضاف حميدي أن قادة «آسيان» أجروا لقاءات ثنائية مع وفود دول مجلس التعاون الخليجي والصين خلال انعقاد القمم، حيث تم توقيع عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات بين ماليزيا ودول «آسيان» مع مؤسسات وجهات وشركات من الخليج العربي لاسيما من دولة الكويت والسعودية والبحرين والإمارات.
وأشار إلى الإعلان خلال القمم عن انطلاق مفاوضات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين ماليزيا ومجلس التعاون بحضور ممثل صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، ورئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم.
وأضاف أن جلسات المنتدى الاقتصادي تؤكد «ثقة المستثمرين الدوليين العالية بتكتل آسيان» الذي يضم أكثر من 680 مليون نسمة ويبلغ ناتجه المحلي الإجمالي المجمع أكثر من 3.6 تريليونات دولار ما يجعله من أكثر الأسواق نموا واستراتيجية في العالم.
كما رحب بالبيان المشترك الصادر عن قمة «آسيان» ومجلس التعاون والصين الذي أكد الالتزام بتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية، مشيدا بالمناقشات المعمقة التي أجراها القادة حول مختلف القطاعات بما في ذلك الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الرقمي وصناعة الحلال.
وأفاد بأن دولا عدة من «آسيان» والخليج والصين أبدت رغبتها في التعاون مع ماليزيا لتبادل الخبرات في مجال صناعة الحلال، موضحا أن هذه الصناعة «لا تقتصر فقط على الأغذية والمشروبات بل تشمل أيضا مجالات مثل الخدمات اللوجستية والدواء وغيرها وتتجاوز بذلك حدود الدول الإسلامية».
وشارك في المنتدى الاقتصادي الذي استضافته ماليزيا وزراء وكبار المسؤولين والسفراء من دول «آسيان» ومجلس التعاون والصين إلى جانب قادة هيئات اقتصادية وشركات تكنولوجية عالمية وممثلي مؤسسات مالية إقليمية ودولية، كما حضر المنتدى خبراء اقتصاديون وأكاديميون ورجال أعمال وممثلون عن القطاع الخاص في الأقاليم الثلاثة.
وعقدت الجلسة الأولى تحت عنوان «شبكة الذكاء: بناء الجسور من خلال التعاون السيادي في مجال الذكاء الاصطناعي»، وناقشت كيف يمكن لـ «آسيان» والخليج الانتقال من التنافس إلى الشراكة لبناء بنية تحتية رقمية شاملة وتعزيز السيادة التقنية.
فيما تناولت الجلسة الثانية موضوع «من البنية التحتية إلى سلسلة الإمداد»، إذ ناقش المتحدثون كيفية دعم التحول الاقتصادي في آسيان والخليج وتجاوز الحواجز التنظيمية التي تحد من تدفق الاستثمارات والاستفادة من الموارد الطبيعية والموارد البشرية في المنطقتين.
في حين ركزت الجلسة الثالثة على موضوع «الذكاء الاصطناعي والأمن»، مستعرضة قدرات «آسيان» والخليج على التعاون مع القوى الرقمية الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين لتعزيز شراكات الذكاء الاصطناعي بما يحقق أمنا عالميا مشتركا.
وأما الجلسة الرابعة فقد استعرضت تجربة دولة الإمارات في الاستثمار الاستراتيجي وأبرزت كيف تقود الدولة تحولها الاقتصادي من خلال الشراكات العالمية مما عزز مكانتها كمستثمر عالمي ومركز جذب للاستثمارات في مشهد اقتصادي متغير ومتسارع.
وتناولت الجلسة الخامسة التي حملت عنوان «ما وراء الحدود» كيفية تحول الذكاء الاصطناعي إلى قوة عابرة للقطاعات، حيث ركزت النقاشات على دور الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية والبيانات الضخمة وتأثيره على التنافسية الصناعية والابتكار ضمن الاقتصاد الرقمي الجديد.
وأما الجلسة السادسة فناقشت العلاقة بين الذكاء الاصطناعي وأمن الطاقة والحاجة المتزايدة للطاقة في آسيان وكيف يمكن لإحياء العلاقات التجارية القديمة مع الخليج أن يفتح آفاقا جديدة لتطوير الطاقة الخضراء وتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي.
فيما بحثت الجلسة السابعة سبل تعزيز التعاون الثلاثي بين «آسيان» ومجلس التعاون والصين مستعرضة إمكانات التكامل الاقتصادي وأهمية الربط بين الاستثمارات الخليجية والموارد الآسيوية والتقنيات الصينية لبناء ممر تجاري مرن ومستدام يمتد عبر القارات.
في حين تناولت الجلسة الثامنة تسريع الاستثمارات في قطاع الطاقة بـ «آسيان»، إذ ناقش المتحدثون الفرص الواعدة في الدول الأعضاء مع تقديم دراسات حالة ناجحة وأفضل الممارسات لتوسيع الشراكات التجارية بما يتماشى مع أهداف الاستدامة والطاقة المتجددة.
وتم تخصيص الجلسة التاسعة والأخيرة لموضوع «من البنية التحتية إلى السيادة» ناقش الخبراء خلالها الحاجة إلى هندسة الذكاء الاصطناعي على مستوى الدولة من خلال تعزيز القدرات الحوسبية والسيادة الرقمية وتجاوز الانقسامات التقنية في عالم شديد التحول والتعقيد.