دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ أمس بعد 12 يوما من الحرب بين البلدين تخللتها ضربات أميركية استهدفت منشآت نووية إيرانية ورد إيراني محدود، وذلك بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تل أبيب وطهران توصلتا إلى اتفاق رسمي لتنفيذ وقف كامل وشامل لإطلاق النار، في خطوة وصفها بأنها نهاية لـ «حرب الـ 12 يوما».
ووصف ترامب في تدوينة عبر منصة (تروث سوشيال) الاتفاق، بأنه اختراق «أنقذ الشرق الأوسط من سنوات من الدمار»، وذلك في «مفاجأة» سارة للمنطقة التي كانت تترقب الخطوات التالية لما بعد «الرد على الرد».
ووجه الرئيس الأميركي الشكر إلى صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر «على ما بذله من جهد للسلام»، مشيدا بجهود سموه في الوساطة لإنهاء التصعيد بين إيران وإسرائيل.
وقال مصدر مطلع إن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أقنع إيران بالموافقة على وقف إطلاق النار مع إسرائيل بناء على مقترح أميركي.
وقال المصدر لوكالة فرانس برس أمس إن نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس تحدث مع رئيس الوزراء القطري «الذي أقنع إيران بالموافقة على الاقتراح في مكالمة هاتفية مع الإيرانيين».
وأضاف المصدر ذاته «في أعقاب الهجمات على قاعدة العديد العسكرية، أبلغ الرئيس دونالد ترامب أمير قطر أن إسرائيل وافقت على مقترح أميركي لوقف إطلاق النار».
وأعلنت إيران قبولها وقف إطلاق النار، وقالت إنها أجبرت إسرائيل على وقف الحرب «بشكل أحادي».
وأعلن الحرس الثوري في بيان أنه «قبيل بدء سريان وقف إطلاق النار بلحظات قمنا بضرب مراكز عسكرية ولوجستية للكيان الصهيوني ولقن العدو درسا تاريخيا لا ينسى».
وفي سياق متصل، افادت قناة (برس. تي. في) الإيرانية في ساعة مبكرة من صباح أمس عن بدء سريان وقف إطلاق النار بعد سلسلة من الهجمات الإيرانية على إسرائيل في «الجولة الأخيرة» من الضربات المتبادلة مع اسرائيل.
من جهتها، أعلنت الحكومة الإسرائيلية رسميا سريان وقف إطلاق النار مع إيران، مؤكدا أنها حققت هدفها في إزالة التهديد النووي والصاروخي الإيراني.
وقالت الحكومة في بيان أمس إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد اجتماعا لمجلس الوزراء بحضور وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد)، حيث أكد أن «إسرائيل قد حققت جميع أهداف عملية «الأسد الصاعد»، بل أكثر من ذلك بكثير، وأنها أزالت تهديدا وجوديا مباشرا مزدوجا ـ في المجالين النووي والصواريخ الباليستية».
ووفق البيان ذاته، فقد «حقق الجيش الاسرائيلي سيطرة جوية كاملة على سماء طهران، وألحق أضرارا جسيمة بالقيادة العسكرية، ودمر عشرات الأهداف الحكومية المركزية الإيرانية»، مبينا أنه «خلال الأربع والعشرين ساعة الاخيرة، شن الجيش الإسرائيلي أيضا ضربات قاصمة على أهداف حكومية في قلب طهران، مما أسفر عن مقتل المئات من عناصر الباسيج وتصفية عالم نووي كبير آخر».
وأعربت الحكومة الإسرائيلية عن شكرها «للرئيس الأميركي دونالد ترامب والولايات المتحدة على دعمهما الدفاعي ومشاركتهما في القضاء على التهديد النووي الإيراني».
واختتمت الحكومة بيانها بالقول: «في ضوء تحقيق أهداف العملية، وبالتنسيق الكامل مع الرئيس ترامب، وافقت إسرائيل على اقتراح الرئيس بوقف إطلاق النار الثنائي. وسترد إسرائيل بقوة على أي انتهاك لوقف إطلاق النار»، وطالبت الإسرائيليين بـ«الالتزام الصارم بتعليمات قيادة الجبهة الداخلية حتى يتم تأكيد الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار».
وقف النار «ساري المفعول»
وقد شهد وقف إطلاق النار بعض الخروقات في الساعات الأولى لدخوله حيز التنفيذ، لكن الرئيس ترامب أكد في تدوينة على «تروث سوشيال» أن وقف النار «ساري المفعول»، وذلك بعد لحظات على اتهامه اسرائيل وايران بانتهاكه ودعوته كل منهما إلى الالتزام التام به.
وقال ترامب إن: «إسرائيل لن تهاجم إيران. ستعود كل الطائرات أدراجها وهي تلوح بود لإيران. لن يتعرض أحد إلى الأذى. وقف إطلاق النار ساري المفعول!»، وذلك بعد وقت قصير على قوله للصحافيين في البيت الأبيض إنه «غير راض» عن إسرائيل لخرقها الاتفاق. ودعاها إلى «عدم إلقاء القنابل» على إيران، وقال على منصة «تروث سوشال»: «إسرائيل، لا تلقي هذه القنابل»، مضيفا «إذا قمت بذلك فسيمثل الأمر انتهاكا كبيرا. أعيدي طياريك إلى بلادهم، فورا!».
ولاحقا، اتهم الرئيس الأميركي كل من إيران واسرائيل بخرق الاتفاق، قائلا إنهما «تتقاتلان منذ مدة طويلة جدا وبشكل قوي إلى حد أنهما لا تعرفان ما الذي تفعلانه، هل تفهمون ذلك؟»، وذلك بعد ساعات على إعلانه عن دخول وقف لإطلاق النار بين الجانبين حيز التنفيذ.
وتابع: «وقف إطلاق النار ساري المفعول الآن. من فضلكم لا تنتهكوه!
اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق
وأفادت تقارير بسماع دوي انفجارات في العاصمة طهران وبابل وبابلسر شمالي ايران، وفقا لوكالة أنباء (إيران بالعربية).
وأوضحت الوكالة أن الهجوم الإسرائيلي «استهدف رادارا قديما، وأكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو هاجم رادارا قرب طهران.
من جهة أخرى، اتهمت تل أبيب طهران بخرق اتفاق وقف النار، فيما نفت ايران إطلاق أي صواريخ تجاه إسرائيل بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أنه أمر الجيش بالرد على انتهاك وقف إطلاق النار بضربات في قلب طهران، فيما لفت رئيس الأركان إيال زامير إلى أنه في ضوء الانتهاك الخطير لوقف إطلاق النار الذي ارتكبته إيران سنهاجم بقوة.
وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن هناك صاروخين أطلقا من إيران وقد تم اعتراضهما.
من جانبها، نفت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية إطلاق أي صواريخ من إيران باتجاه إسرائيل خلال الساعات الأخيرة. وأفادت وكالة انباء (مهر) الإيرانية، بأن بيان هيئة الأركان جاء «ردا على مزاعم إسرائيل بإطلاق صواريخ من إيران باتجاهها وانتهاك وقف إطلاق النار».
كما أكد التليفزيون الرسمي الإيراني، أن التقارير التي تحدثت عن إطلاق صواريخ من إيران بعد وقف إطلاق النار «عارية عن الصحة».
إلى ذلك، أعلنت السلطة القضائية الإيرانية، أنها نقلت معتقلين من سجن «إيفين» إلى سجون أخرى في محافظة طهران، بعد ضربة إسرائيلية استهدفته أمس الأول وأسفرت عن سقوط قتلى.
ولم تحدد السلطة القضائية عدد المعتقلين الذين نقلوا لكن المتحدث باسمها أصغر جهانغير أفاد التلفزيون الرسمي بأن الضربة ألحقت أضرارا بالسجن. كذلك، أفادت وسائل إعلام محلية بأن السلطات الإيرانية «أبطلت مفعول» صاروخين غير منفجرين بالقرب من السجن.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أن المواطنين الفرنسيين جاك باريس وسيسيل كوهلر، المحتجزين في إيران منذ ثلاث سنوات، «لم يصابا بأذى»، معتبرا أن الضربة الإسرائيلية «غير مقبولة».