أثارت الضربات الإسرائيلية التي استهدفت سورية أمس موجة واسعة من الإدانات، حيث أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي، عن «إدانته واستنكاره بأشد العبارات للهجمات، التي تمثل انتهاكا صارخا لسيادة الجمهورية العربية السورية، وخرقا للقوانين والأعراف الدولية، ومساسا خطيرا بالأمن والاستقرار الإقليمي».
وأكد البديوي أن استمرار هذه الهجمات المتكررة والمتواصلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي يعد تصعيدا غير مسؤول واستخفافا بجهود المجتمع الدولي المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار في سورية والمنطقة.
كما شدد الأمين العام على موقف مجلس التعاون الثابت والداعم لوحدة سورية وسلامة أراضيها، ورفضه التام لأي تدخل خارجي يمس بسيادتها أو يفاقم من معاناة شعبها الشقيق، داعيا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة، ومحاسبة مرتكبيها، والعمل الجاد على حماية الشعب السوري، والحفاظ على سيادتها وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
الإمارات: تصعيد خطير
بدورها أدانت دولة الإمارات «بشدة التصعيد الخطير في جنوب سورية واستنكرت بشدة الغارات الإسرائيلية على المنطقة»، مؤكدة «رفضها التام لانتهاك سيادة سورية وتهديد أمنها واستقرارها».
وجددت وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان لها وفق وكالة الانباء الرسمية (وام)، «التأكيد على موقف دولة الإمارات الثابت تجاه دعم استقرار سورية وسيادتها على كامل أراضيها، ووقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق، ودعمها المساعي كافة التي تهدف إلى تحقيق تطلعاته إلى الأمن والسلام والحياة الكريمة والتعايش السلمي والتنمية.
وكان الاحتلال الإسرائيلي كثف هجماته على سورية بسلسلة غارات جوية استهدفت مبنى الأركان العامة ووزارة الدفاع ومحيط القصر الرئاسي، فيما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن رسائل التحذير لدمشق انتهت وتوعد بما أسماها «ضربات موجعة»، وذلك عقب تجدد الاشتباكات العنيفة في محافظة السويداء جنوب البلاد.
وأصيب 13 مدنيا على الأقل بجروح جراء قصف إسرائيلي استهدف وسط دمشق أمس بحسب قناة الإخبارية السورية، في حين أعلن مصدر أمني إسرائيلي أن الجيش أغار على مدخل مقر الأركان، في رسالة موجهة للرئيس أحمد الشرع بشأن أحداث السويداء جنوب البلاد بحسب هيئة البث الإسرائيلية.
وقال كاتس في تصريحات: سنواصل العمل بقوة في السويداء لتدمير القوات التي هاجمت الدروز حتى انسحابها، مضيفا ان القصف استهدف «هدفا قريبا من القيادة العامة بدمشق والضربات ستستمر بالتصاعد ما لم تستوعب الرسالة». وأضاف: «نقوم بتنفيذ ضربات متصاعدة ونستهدف مواقع تابعة للنظام في السويداء». وتابع كاتس أن وتيرة الضربات بسورية سترتفع إذا لم تفهم دمشق الرسالة، مضيفا أن جنوب سورية سيكون منطقة منزوعة السلاح.
من جانبه، قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن الوضع في السويداء وفي جنوب غرب سورية خطير جدا، مضيفا: نعمل لإنقاذ إخوتنا الدروز.
وأظهر البث المباشر لقناة الجزيرة القطرية حزاما من الغارات استهدف مجمع هيئة الأركان العسكرية، تصاعدت على أثره سحب الدخان، وأدت إلى تصدع وتضرر أجزاء من المبنى.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) بـ«وقوع عدد من الإصابات جراء غارات الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت العاصمة دمشق».
وكان التلفزيون الرسمي أفاد قبيل الضربات الأخيرة بـ«عدوان لطيران الاحتلال الإسرائيلي قرب مبنى رئاسة الأركان في ساحة الأمويين بدمشق». وأعلن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق أنه «أغار على بوابة الدخول إلى مجمع الأركان العامة في منطقة دمشق».
وأفاد التلفزيون السوري الرسمي بوجود «جريحين مدنيين جراء عدوان للاحتلال الإسرائيلي وسط العاصمة دمشق» بعد الغارة الأولى قرب مبنى رئاسة الأركان.
وطالت ضربات إسرائيلية أخرى نقاطا عدة في محافظة السويداء بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا).
ووفق «فرانس برس» شوهدت شاحنة صغيرة عسكرية تتعرض للقصف عند المدخل الغربي لمدينة السويداء، وهو المكان الذي تتجمع فيه القوات الحكومية.
إدانة سورية
في المقابل، أدانت وزارة الخارجية السورية الهجمات الاسرائيلية، وقالت في بيان لها «تدين الجمهورية العربية السورية بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي الغادر الذي استهدف مؤسسات حكومية ومنشآت مدنية في كل من العاصمة دمشق ومحافظة السويداء، ما أسفر عن ارتقاء عدد من الشهداء الأبرياء وسقوط عشرات الجرحى من المدنيين بينهم نساء وأطفال، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمرافق العامة».
واضافت «ان هذا الاعتداء السافر الذي يأتي في سياق سياسة ممنهجة ينتهجها الكيان الإسرائيلي لإشعال التوتر وخلق الفوضى، وتقويض الأمن والأمان في سورية يمثل خرقا فاضحا لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي الإنساني».
وحملت الخارجية السورية إسرائيل المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير وتداعياته، وتؤكد أنها ستحتفظ بكامل حقوقها المشروعة في الدفاع عن أرضها وشعبها بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي.
ودعت الوزارة «المجتمع الدولي، وفي مقدمته مجلس الأمن، إلى تحمل مسؤوليته واتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة لوضع حد للعدوان الإسرائيلي المتكرر على أراضي دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة».
وكانت الرئاسة السورية أدانت «الانتهاكات المؤسفة» التي طالت عددا من المناطق في محافظة السويداء، متعهدة بمحاسبة كل من تورط فيها بشكل رادع.
وقالت الرئاسة في بيان: «تابعت الدولة السورية باهتمام بالغ الانتهاكات المؤسفة التي طالت بعض المناطق في محافظة السويداء مؤخرا. إن هذه الأفعال، التي تندرج ضمن السلوكيات الإجرامية وغير القانونية، لا يمكن قبولها تحت أي ظرف من الظروف، وتتنافى تماما مع المبادئ التي تقوم عليها الدولة السورية». وأضافت: «إننا في الحكومة السورية ندين بشدة هذه الأعمال المشينة، ونؤكد التزامنا التام بالتحقيق في جميع الحوادث المتعلقة بها، ومحاسبة كل من ثبت تورطه فيها». كما شددت على أن «أي جهة مسؤولة عن هذه الأعمال، سواء كانت فردية أو منظمات خارجة عن القانون، ستعرض للمحاسبة القانونية الرادعة، ولن نسمح بمرورها من دون عقاب».
واختتمت الرئاسة البيان الصحافي بالقول: «إن الدولة السورية، بقيادتها وأجهزتها، تضع أولوية قصوى لحماية الأمن والاستقرار في جميع أنحاء سورية، وتؤكد أن العدالة هي المعيار الذي نعمل به في جميع الحالات. نؤكد لأهلنا في السويداء أن حقوقهم ستكون دائما مصونة، وأننا لن نسمح لأي طرف بالعبث بأمنهم أو استقرارهم». ولاحقاً أعلنت السلطات السورية التوصل إلى اتفاق جديد لوقف اطلاق النار مع فصائل درزية في السويداء.
من جانبها، أعلنت فرنسا إدانتها بشدة «الانتهاكات بحق المدنيين». وتجددت الاشتباكات العنيفة أمس في مدينة السويداء، بعد انهيار وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه أمس الأول، وانسحاب قوات السلطات السورية من المدينة عقب دخولها لفترة وجيزة.
واستمرت الاشتباكات أمس في مدينة السويداء التي شهدت كذلك قصفا متقطعا، وفق المرصد. وبحسب «فرانس برس» شوهد داخل المدينة قرابة 30 جثة، يعود بعضها لعناصر من السلطة وأخرى لمقاتلين بلباس مدني مع جعب عسكرية، فيما كان الدخان يتصاعد من بعض أحياء المدينة على وقع دوي القصف المتقطع. وعند المدخل الغربي للمدينة، شوهدت آليتان للأمن العام، تنقلان نحو تسع جثث لعناصر أمنية، بينما كان قادة يطلبون من العناصر إخلاء المكان.
قلق أوروبي
كما أعرب الاتحاد الأوروبي أمس عن «قلقه البالغ» إزاء استمرار الاشتباكات والعنف في محافظة السويداء، وحث التكتل في بيان «جميع الأطراف على التنفيذ الفوري لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه أمس وذلك لحماية المدنيين دون تمييز ووضع حد لخطابات الكراهية والخطاب الطائفي».
وأضاف البيان ان «السلطات الانتقالية تتحمل المسؤولية في نزع فتيل التوتر واستعادة الهدوء وضمان المساءلة عن جميع الجرائم المرتكبة والمضي قدما في عملية انتقالية جامعة لا تستثني أحدا»، مؤكدا استعداد الاتحاد لتقديم الدعم اللازم في هذا السياق.