أحمد مغربي
كشفت البيانات الصادرة عن بنك الكويت المركزي عن ارتفاع لافت في تحويلات العاملين إلى الخارج خلال الربع الأول من العام الحالي، حيث بلغ إجمالي التحويلات نحو 1.21 مليار دينار، مقارنة مع 924.2 مليون دينار في الفترة ذاتها من عام 2024، ما يمثل نموا سنويا بنسبة تقارب 31%، أي ما يعادل زيادة قدرها نحو 285.8 مليون دينار.
وعند مقارنة هذه الأرقام على أساس ربعي، يتضح أن وتيرة النمو في التحويلات استمرت كذلك، إذ ارتفعت من 1.16 مليار دينار خلال الربع الرابع من عام 2024 إلى 1.21 مليار دينار في الربع الأول من 2025، بما يعكس زيادة فصلية بنسبة 4.3%، وتشير هذه البيانات إلى استمرار تدفق التحويلات الخارجية بوتيرة تصاعدية، مدفوعة بعدد من العوامل الاقتصادية ذات الصلة.
وبالعودة إلى أداء تحويلات العاملين خلال العام الماضي، فقد بلغ إجمالي التحويلات من الكويت إلى الخارج في عام 2024 ما يقارب 4.3 مليارات دينار، توزعت بواقع 924.2 مليون دينار في الربع الأول، و1.12 مليار دينار في الربع الثاني، ثم 1.1 مليار دينار في الربع الثالث، و1.16 مليار دينار في الربع الرابع، ما يشير إلى استقرار نسبي مع ميل تصاعدي طفيف في الفصول الأخيرة من العام.
عوامل الارتفاع
ويعزى هذا الارتفاع اللافت في تحويلات العاملين إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، تتصدرها التحسينات التي شهدتها الاقتصادات المستقبلة لهذه التحويلات، فقد شهدت بعض الدول التي تمثل وجهات رئيسية للأموال المحولة - مثل الهند ومصر والفلبين وبنغلاديش - تحسنا ملحوظا في استقرار عملاتها المحلية مقابل الدولار، إلى جانب هدوء نسبي في الأسواق المالية وتحسن الأوضاع المعيشية، ما زاد من دوافع العاملين لتحويل أموال أكبر إلى ذويهم مستفيدين من ارتفاع القوة الشرائية في بلدانهم الأم.
في المقابل، شهد سوق العمل في الكويت تحسنا ملموسا خلال الفترة الماضية، خصوصا على مستوى قطاعات التوظيف في القطاع الخاص وقطاع الخدمات، وقد انعكس هذا التحسن في صورة استقرار نسبي في الرواتب وزيادة في الدخل المتاح لدى شريحة من العاملين الوافدين، ما عزز قدرتهم على تحويل جزء أكبر من دخولهم الشهرية إلى الخارج، كما ساهم استقرار السياسات النقدية في الكويت وثبات سعر صرف الدينار، في توفير بيئة اقتصادية آمنة تسمح باستدامة تدفقات الأموال إلى الخارج دون تأثيرات مفاجئة ناتجة عن تقلبات سعرية أو قرارات تنظيمية.
ارتفاع التضخم
من جانب آخر، لا يمكن إغفال أن ارتفاع تكاليف المعيشة في بعض البلدان المستقبلة لهذه التحويلات - نتيجة للتضخم أو تراجع الدعم الحكومي - شكل أحد المحركات الرئيسية لزيادة التحويلات، إذ دفعت احتياجات الأسر المتزايدة في تلك البلدان العاملين في الكويت إلى زيادة تحويلاتهم بشكل شهري لتعويض الفجوة المعيشية.
ويعكس هذا النمو في تحويلات العاملين أهمية هذه الشريحة في الدورة الاقتصادية في الكويت، ليس فقط من حيث مساهمتها في النشاط المحلي، بل أيضا في كونها قناة رئيسية لتحويل النقد الأجنبي إلى اقتصادات دولية نامية تعتمد بشكل كبير على هذه التدفقات، وتشير التوقعات، في ظل استمرار الأوضاع الاقتصادية المستقرة في الكويت، إلى احتمال استمرار التحويلات عند مستويات مرتفعة خلال الفصول المقبلة.
وبلغت تحويلات العاملين إلى الخارج خلال السنوات الـ 5 الماضية من عام 2020 حتى عام 2024 نحو 24.35 مليار دينار، حيث سجلت في عام 2020 ما قيمته 5.29 مليارات دينار، وارتفعت في عام 2021 إلى 5.5 مليارات دينار، ثم تراجعت قليلا في عام 2022 إلى 5.4 مليارات دينار، قبل أن تشهد انخفاضا ملحوظا في عام 2023 لتسجل 3.86 مليارات دينار، ثم عاودت الارتفاع في عام 2024 لتصل إلى 4.3 مليارات دينار، ما يعكس تقلبات في حجم التحويلات مرتبطة على الأرجح بعوامل اقتصادية في البلدان الأم للعمالة الوافدة وظروف سوق العمل.