Note: English translation is not 100% accurate
أستاذ الفقه المقارن والاقتصاد الإسلامي يكشف الأساليب القرآنية في التعبير عن الاقتصاد
البعلي لـ «الأنباء»: محصلة الاقتصاد الوضعي أزمات مالية
18 يوليو 2014
المصدر : الأنباء

أزمة الاقتصاد الوضعي المعاصر تتمثل في التوفيق بين الحاجات وقلة المواردعاطف رمضان
قال أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن والدراسات الإسلامية في كلية القانون الكويتية العالمية د.عبدالحميد البعلي في حوار مع «الأنباء» إن الأساليب القرآنية في التعبير عن المسائل الاقتصادية تعددت وتنوعت، مشيرا إلى أن السوق يلي المسجد في الاقتصاد الإسلامي كونه مرآة صافية تعكس بشفافية تامة قوة أو ضعف النظام الاقتصادي وأين يكمن الخلل فيه.
وأضاف أن الإسلام يدعو للحرية المنظمة للسوق وأن كل ما يؤثر في السوق بالسلب ينتقص منه فيمنع، ضاربا مثالا بالنجش المحرم شرعا الذي يعني التدخل المفتعل في حركة السوق والزيادة في ثمن السلعة ليس لرغبة في شرائها بل لمخادعة الغير.
وذكر أن أزمة الاقتصاد الوضعي المعاصر تتمثل في أزمة التوفيق بين الحاجات، وأنه للخروج من الأزمة لابد من قلب المعادلة وانعكاسها، فبدلا من ان نقول: الحاجات لا نهائية والموارد محدودة، نقول: ان الموارد لا نهائية والحاجات محدودة.
وتطرق د.البعلي إلى أهم الفروق بين الاقتصادين «الاسلامي» و«الوضعي» من حيث السوق والثروة والتضخم، مبينا أن المحصلة في الاقتصاد الوضعي وجود الفقر المذل إذ سيصل عدد الفقراء إلى 1.9 مليار نسمة بحلول 2015 حسب احصائية تقرير التنمية للأمم المتحدة وتركز الثروة في 35 شركة كبرى تستأثر 40% من التجارة العالمية و10 شركات تستأثر 86% من قطاع الاتصالات و1% يملكون 50% من الثروة في أميركا، بجانب كثرة المضاربات والعديد من الانهيارات المالية والبطالة والتضخم الركودي.
وفيما يلي التفاصيل:
كيف ترى الأسلوب القرآني في التعبير الاقتصادي؟
٭ لقد تعددت وتنوعت الاساليب القرآنية في التعبير عن المسائل الاقتصادية مما يعكس طريقة قرآنية فذة تفيد وتخدم اساليب التناول والتحليل الاقتصادي المعاصر بأنواعها واشكالها المختلفة، فالقرآن الكريم يستخدم أساليب «القصص وضرب الامثال والاشارة».
وتتمثل أزمة الاقتصاد الوضعي المعاصر في أزمة التوفيق بين الحاجات وقلة الموارد وقصة روبنسون كروز تفصح عن ذلك من خلال عبارته الشهيرة «العثور على ثمرة جوز الهند أهم من العثور على كتلة من الذهب».
والمطلوب في نظرنا للخروج من الأزمة هو قلب المعادلة وانعكاسها فبدلا من أن نقول: الحاجات لا نهائية والموارد محدودة نقول: ان الموارد لا نهائية والحاجات محدودة.
ماذا يعني السوق في الاقتصاد الإسلامي؟
٭ السوق يلي المسجد في الاقتصاد الاسلامي، لأنه مرآة صافية تعكس بشفافية تامة قوة أو ضعف النظام الاقتصادي واين يكمن الخلل إن كان هنا خلل.
وقد ورد السوق في القرآن الكريم مرتين في سورة الفرقان، وحديث الرسول «صلى الله عليه وسلم» في شأن السوق يمثل دستور السوق في الاقتصاد الاسلامي فلقد قال صلى الله عليه وسلم: «هذا سوقكم فلا ينتقصن ولا يضربن عليه خراج ».
وهذا يعني حرية السوق المنظمة «فلا ينتقصن» وهذا مفاده ان كل ما يؤثر في السوق بالسلب ينتقص منه فيمنع وان كل ما يؤثر في السوق بالايجاب يجب فيه فيؤخذ به وذلك يقتضي نظاما للسوق يضمن صفاءه وشفافيته.
ومن معالم ذلك النظام تصحيح المعاملات حتى تنعكس انعكاسا صحيا على السوق وذلك بمنع المخالفات الشرعية بأنواعها وأشكالها مثل النجش الذي يعني الاستتار والتدخل المفتعل في حركة السوق، لان من يزيد في ثمن السلعة أو الخدمة يستر قصده.
والنجش عند الفقهاء أن يزيد في ثمن السلعة المعروضة للبيع لا لرغبة في شرائها بل ليخدع غيره فيظن أنه لم يزد فيها هذا القدر الا لانها تساويه فيغتر بذلك، وهذا محرم بالاجماع، لانها تفسد على الناس سوقهم وتعكر صفوه وشفافيته المنشودة ولعلها من اقوى الظواهر انتشارا في الاسواق اليوم مما تسبب عنه انعدام الثقة فيها وانهيارها الواحد تلو الآخر مما يهدد العالم بالكساد والنظام الاقتصادي الحاكم بالانهيار.
هذا عن النجش وحده فما بالنا بالاسباب الاخرى التي حذر منها الشرع وهي واقعة في اسواق الناس اليوم، فهلا الجأتنا الضرورة الى امتثال احكام وقيم الشرع الاسلامي في الاقتصاد؟.
ما أهم الفروق بين الاقتصادين «الاسلامي و«الوضعي»؟
٭ الاقتصاد الوضعي يهتم بدراسة سلوك الأفراد والمجتمع في إدارة الموارد الإنتاجية النادرة وتنميتها لإشباع الحاجات الإنسانية اللانهائية، أما الاقتصاد الإسلامي فينظم علاقة الأشخاص بالمال في كسبه وإنفاقه وفق أحكام الشريعة التفصيلية ومقاصدها الكلية.
وسعر الفائدة في الاقتصاد الوضعي أساس التعامل النقدي في حركة النشاط الاقتصادي، بينما في الاقتصاد الإسلامي فهي محرمة بجميع أشكالها. وقد اختلط مفهوم المصلحة الخاصة الفردية والعامة المجتمعية في الاقتصاد الوضعي، سواء في ذلك النظام الرأسمالي وسيطرة طبقة البرجوازية في النظم الليبرالية او سيطرة طبقة البروليتاريا في النظم الاشتراكية ولكن المصلحة العامة في الاقتصاد الإسلامي مقدمة على المصلحة الخاصة عند التعارض، وحقوق الله تعالى يجب مراعاتها في جميع الأحوال.
والتكاليف المالية في الاقتصاد الوضعي الأصل فيها الضرائب، وفي الاقتصاد الإسلامي الأصل فيها الزكاة تطهيرا للمال وتنميته.
والسوق في الاقتصاد الوضعي يعمل لصالح الأغنياء ومن يملك القوة الشرائية، ومن ثم فهو عرضة للاحتكار، ومن هنا تسود الحرية المشوهة، والسوق في الاقتصاد الإسلامي دستوره حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «هذا سوقكم لا ينتقصن ولا يضربن عليه خراج».
والثروة في الاقتصاد الوضعي هي دولة أي محصورة بين الأغنياء ومن ثم الصراع الطبقي البغيض، لكنها في الاقتصاد الاسلامي عدالة توزيع الثروة كي لا تكون دولة بين الأغنياء بنظام الإرث والزكاة وغيرهما.
والبطالة من منظور الاقتصاد الوضعي تعمل آليته القائمة على مبدأ تعظيم رأس المال والربح على وجود البطالة وتزايدها، وفي الاقتصاد الاسلامي تعمل آليته عبر التزاوج بين عنصري العمل ورأس المال والمشاركات وسلة العقود الاستثمارية ومن ثم المزيد من فرص العمل على مكافحة البطالة.
والتضخم في الاقتصاد الوضعي تعمل آليته القائمة على مبدأ سعر الفائدة وتركيز الثروة ومن ثم التهيئة للاحتكار على وجود التضخم، لكنه في الاقتصاد الاسلامي تعمل آليته عبر مبدأ الربح والخسارة والغرم بالغنم وتصحيح وظيفة النقود على مكافحة التضخم.
والمحصلة في الاقتصاد الوضعي وجود الفقر المذل إذ سيصل عدد الفقراء إلى 1.9 مليار نسمة بحلول 2015 حسب تقرير التنمية للأمم المتحدة عام 99/2000 أجراها البنك الدولي وتركز الثروة في 35 شركة كبرى تستأثر بما نسبته 40% من التجارة العالمية و10 شركات تستأثر بـ 86% من قطاع الاتصالات و1% يملكون 50% من الثروة في أميركا، بجانب كثرة المضاربات.
حدثنا عن نظام الملكية في الإسلام مقارنة بالمناهج الاقتصادية الوضعية؟
٭ مما لا شك فيه ان الاستخلاف متعلق بالحكم الشرعي المتمثل في خطاب الله تعالى بتسخير الاشياء التي خلقها وجعلها معدة وصالحة لان يباشر الانسان فيها حق الملك بأحد اسباب كسب الملكية التي قررها الشرع، وهو ما ينفرد به نظام الملكية في الاسلام عن غيره من نظم الملكية الاخرى في المناهج الاقتصادية الوضعية، وما ترتب على ذلك من انواع واقسام للملكية تختلف عما هو قائم في النظريات الاقتصادية الرأسمالية او الاشتراكية والشيوعية بما تحدثه هذه الانواع بتعددها وتكاملها حيث تصل إلى سبعة أنواع من الملكية يقوم عليها النظام الاقتصادي الاسلامي مما ينعكس على عملية الانتاج والتنمية الحقيقية الشاملة والمستمرة في المجتمع وبخاصة التعاون العادل بين النشاط الاقتصادي العام والخاص وهو ما أخذت به المادة 20 من الدستور الكويتي الحالي.