في زمن باتت فيه الشهرة عدوى تضرب العقول، والضوء يمنح ولا يكتسب بالإبداع، ظهر جيل من «النجوم» يتكلمون كأنهم أوتوا مفاتيح المعرفة، وينتقدون كأن تجاربهم بطول عمر نوح، وحكمة سليمان. يقف أحدهم على خشبة المسرح أو خلف شاشة التواصل مبهورا بعدد المشاهدات أو تصفيق جمهور عابر، فيخيل إليه أنه بلغ قمة الفن والمعرفة، وأن من سبقه أصبح ظلا من الماضي.. لكنهم يتناسون أن النجومية الحقيقية لا تقاس بعدد المتابعين، بل بوزن الكلمة، وعمق الفكرة، وصدق التجربة، وحضور الأثر والتأثير، فينتشر أحدهم ببرامج الحوارات، ويكثر من الظهور، فيهذي في الأخلاق والقيم، ويعبر إلى السياسة والفلسفة، حتى يجرؤ على انتقاد من سبقوه فنا ووعيا وتجربة، دون عدة فكرية أو حصيلة معرفية تسعفه، وكأن الشهرة وحدها تمنح شرعية الحديث في كل شيء، لاجئا إلى الجرأة وتصنع القوة حين يضعفه العمق!
حقا، من المؤسف أن يتحول المسرح من منبر للتجريب والوعي إلى مرآة للزهو، ومن المؤلم أن يختزل الإبداع في «ترند» عابر أو جملة مستفزة.. فكم من نجم سطع في سماء الإعلام ثم أطفأه فقر الداخل وهشاشة المضمون. النجومية ليست أن تصل بل أن تبقى، فالقيمة لا تفرضها الأرقام بل الزمن، فما أكثر من مروا على الذاكرة كومضة كاميرا، وما أقل من رسخوا فيها كعلامة جودة دائمة، لذلك قيل: «النجمة التي لا جذور لها تسقط بمجرد أن تنطفئ الأضواء».