منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 ومنطقة الشرق الأوسط تعاني من التوترات الأمنية المتلاحقة، حتى تشابك الأحداث والحوادث من غزة إلى جنوب لبنان واليمن وسورية والعراق وأخيرا إيران، أصبحت جميعها ساحات حرب مفتوحة.
«اسرائيل» تلقت اكبر نكسة في تاريخها العسكري، اذ اعتبرت عملية طوفان الأقصى فشلا ذريعا لعقيدة الردع الاسرائيلية التي تباهت بها لعقود من الزمن، لذلك تحاول إعادة هيبتها وتفوقها العسكري عن طريق العمل العسكري على عدة جبهات والقيام بعمليات نوعية كالاغتيالات التي طالت قيادات فلسطينية وأخرى من حزب الله في جنوب لبنان كان آخرها اغتيال فؤاد شكر، وقبل ذلك هجومها المتهور على القنصلية الإيرانية في دمشق والتي أدت إلى قيام إيران بضربات جوية على «اسرائيل» في أبريل الماضي تحت مسمى «عملية الوعد الصادق» والتي رد عليه بضربة غير معلنة على قاعدة جوية إيرانية بالقرب من منشأة نووية إيرانية.
استعراض القوة الإسرائيلي وصل إلى حد اغتيال رئيس حركة «حماس» في ايران ما أحرج الإيرانيين من جهة وكشفت عما تعانيه إيران من خروقات داخل مؤسساتها الأمنية والاستخبارية، ما جعل القيادة الإيرانية تجتمع مع كافة الفصائل المقاومة المقربة منها في المنطقة، وإعلان إيران أنها سترد على اسرائيل في الوقت والمكان المناسبين!
حتى كتابة هذه السطور، يتكهن البعض بأن الرد الإيراني سيكون من عدة جهات وفي وقت واحد، ما يصعب على الدفاعات الإسرائيلية على التصدي للضربة. وهناك من أضاف إلى الضربات الجوية عمليات تسلل برية من جنوب لبنان كعملية طوفان الأقصى، وهناك من ذهب إلى ضربة استباقية إسرائيلية لتفشل الرد الإيراني أو تقلل من آثاره المدمرة على البنية التحتية والخسائر البشرية.
ختاما، لا أحد يجزم بماهية الرد الإيراني او ردة الفعل الإسرائيلية، حتى أجهزة الأمن والاستخبارات الأميركية في اجتماعها الأخير مع الرئيس بايدن لم تستطع تحديد طبيعة الرد الإيراني او توقيته. ولكننا نتوقع ضربات جوية متنوعة ومتبادلة من الطرفين قد تستمر أياما حتى يتدخل الوسطاء لوقفها ولا تنزلق المنطقة لحرب شاملة لا احد يريدها.
الملاحظة أن إيران لا تريد التصعيد العسكري مع إسرائيل، ففي ضربتها السابقة خلال ابريل الماضي أعلنت عن وقت حدوثها بل وأعلنت انتهاء الرد العسكري اثناء حدوثه، وهو ما يظهر تعاملها بعقلانية غير معهودة، وهو ما أعتقد أنها ما زالت ستتحلى فيه بردها المتوقع على إسرائيل.
الخلاصة: إيران لا تريد المواجهة المباشرة كعادتها وتكتفي باستنزاف أعدائها عن طريق الأطراف المقربة منها، ولكن الاختراقات الأمنية المتلاحقة والاغتيالات المتعددة التي بدأت بعلماء نوويين وانتهت بضيف كبير «إسماعيل هنية» داخل أراضيها، أجبرها على الرد وتذوق مرارة الضربات التي مارستها أذرعها.