السقوط السريع جدا لنظام بشار الأسد في سورية ربما لم يكن مفاجئا لمتابعي التغيرات الاستراتيجية التي أحدثها طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 وما تلاه من حرب شنها الكيان الصهيوني، ومنها خروج حزب الله كلاعب اقليمي بعد الضربات العنيفة التي تلقاها من «اسرائيل»، وانحسار التمدد الايراني في لبنان وسورية
لم يقرأ بشار تلك التغيرات حتى انه رفض دعوة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان للتفاوض حول تسوية سياسية للأزمة السورية والتي كانت برعاية روسية، وبذلك خسر حبل النجاة الأخير، وربما أحس الأسد بذلك في الأيام الأخيرة حيث نجده قام بإرسال عائلته وأمواله لروسيا.
لم يكن جيش النظام في حالة جيدة فقد أتعبته الحرب الأهلية 13 عاما والتي جعلت الاوضاع الاقتصادية لا تطاق، كما شعر جنود النظام بأن الإيرانيين والروس قد تخلوا عن دعمهم أثناء المعارك الأولى في حماة وحمص، لذلك نجدهم لم يبدوا أي مقاومة تذكر.
أما قوات المعارضة فقد كانت هذه المرة أكثر تجانسا وأصبحت لديها قيادة موحدة وهدف واحد، بالرغم من تسلح هذا الجيش البسيط الا انه قاتل بروح معنوية عالية.
وبعكس واقعه أثناء بداية الثورة حيث كانت قوات المعارضة تقاتل قوات النظام كفصائل مستقلة، وفي احيان كثيرة كانت تلك الفصائل تتقاتل مع بعضها البعض، وهو ما أضعفها امام قوات النظام وحلفائه آنذاك.
من المؤكد ان تركيا لعبت الدور الأساسي في توحيد المعارضة وعمل قيادة عسكرية موحدة لهم، ودربت افرادها على القتال ودعمتهم بالاسلحة والمعلومات الاستخبارية، حتى ان البعض يذهب بعيدا ويجزم بأن الاتراك هم من حيدوا الروس عن القتال مع النظام السوري في المواجهات العسكرية الأخيرة.
عموما، ان تنجح الثورة في اسقاط النظام السياسي الحاكم لا يعني ان تنجح في إدارة الدولة او ان يتركها اعداء الثورة ان تنجح في اقامة نظام حكم ديموقراطي.
لذلك التحدي الأكبران تتسامى قوى المعارضة عن الانتقام وأن تعلن عفوا عاما الا للجرائم المثبتة بأدلة تحال إلى المحاكم وهذا ما حصل بالفعل، ومن ثم الإسراع بكتابة دستور جديد يستفتى على مواده شعبيا وتحت رعاية مؤسسات دولية مختصة بذلك، وبعدها تجرى انتخابات حرة تحت مراقبة دولية كذلك.
ختاما، أبدت قوى المعارضة المنتصرة خطابا سياسيا معتدلا وجامعا، رغم ان من يقودها هو زعيم هيئة تحرير الشام المتهمة بالارهاب والذي يبدوا انه تركيا علمته السياسية والديبلوماسية وان تحقيق الاهداف بالتدريج كما حصل للاسلاميين فيها، ويبدوا أن الغرب والولايات المتحدة يتقبلون شخصية أحمد الشرع الجديدة.
ختاما- نتمنى أن ينجح السوريون في مرحلة الانتقال السياسي واعادة اعمار بلادهم ويتركوا الولاءات الطائفية والمناطقية وحتما الانتماءات الخارجية.