السرعة التي انهار بها النظام السوري كانت مدهشة وغير متوقعة، فقد بدأت العمليات العسكرية للمعارضة يوم 27 نوفمبر الماضي وانتهت في 8 ديسمبر وسط ذهول للشعب السوري الذي كان يحلم بالتخلص من نظام بشار وعلى استعداد لتقبل أي شكل من الأنظمة الحاكمة ولو أن حالة الرضا الشعبي هذه لن تستمر طويلا.
تحول الشاب أحمد الشرع أو من كان يسمى بـ«ابو محمد الجولاني» من «ارهابي» وفق مصطلحات الدول الغربية وبعض الدول العربية إلى قائد العمليات العسكرية ومن ثم رئيس الإدارة السورية الجديدة.
الشرع او الجولاني كان العضو البارز في تنظيم داعش بالعراق والذي انشق عنه وأسس تنظيم النصرة في سورية والذي لم يستمر طويلا قبل أن ينشق عنه ويتحول إلى زعيم تنظيم سياسي جديد أسماه «جبهة فتح الشام» والذي غير اسمه إلى «هيئة تحرير الشام» ليتماشى مع المعطيات الجديدة على الأرض.
يجب أن نعلم أن ما سمي بالقيادة العسكرية والتي قادت عملية الإطاحة ببشار الأسد هي بالحقيقة تتكون من عدة فصائل عسكرية سورية وليست من مكون واحد، وقد تم تدريبها وتنسيق عملياتها تحت قيادة موحدة وبإشراف تركي.
أطلق الشرع منذ السيطرة على السلطة عدة رسائل إيجابية في مقابلاته وتصريحاته الصحافية وفي لقاءاته مع أطراف عربية وغربية، بالرغم من استحسانهم للتغير في خطاب القيادة السورية الجديدة الا انهم ينتظرون أن يروا أفعالا وليس مجرد أقوال بحسب تعبيرهم، لذلك الكرة في ملعب الثوار السوريين ليبرهنوا على أنهم يسعون إلى تأسيس نظام سياسي عادل وديموقراطي يحفظ حقوق جميع المواطنين ويحترم التنوع العرقي والطائفي.
مازالت هيئة تحرير الشام مصنفة من مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة على أنها منظمة إرهابية، ومازالت هناك عقوبات من عدة دول منها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوربي وعدد من الدول الغربية بالإضافة إلى عقوبات من الجامعة العربية لم ترفع بعد، وقد طالب الشرع برفع تلك القيود والعقوبات الاقتصادية لتتمكن الحكومة السورية الجديدة من إيجاد موارد مالية وإمكانيات تجارية.
يبدو أن بعض الدول العربية تدعم الحكومة السورية لتنجح في إدارة البلد، فالنظام السوري الجديد إن لم يكن صديقا فحتما ليس عدوا لها، وهناك من يرى ان قطع الاذرع الإيرانية المهددة لأمن المنطقة يستلزم مواصلة دعم سورية ولبنان في المرحلة الحالية.
ختاما – نجاح الثورة يحتاج إيجاد نظام سياسي مقبول من الأغلبية، لذلك تأجيل مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي كان سيعقد في منتصف يناير إلى اجل غير معلوم قد يفهم بطريقة خاطئة ويجب الإسراع في عقده، وكذلك كتابة الدستور لا تحتاج إلى مده زمنية طويلة، خصوصا انه سيطمئن السوريين على مستقبلهم عبر معرفة شكل نظام الحكم ونوعيته، اما تأجيل الانتخابات إلى 3 او 4 سنوات فهو قرار منطقي لأنها حتما تحتاج إلى ترتيبات كبيرة وكثيرة من إحصاء السوريين في الداخل والخارج وكشف الدخلاء على السوريين من الذين تم تجنيسهم في العهد السابق.
الخلاصة: قال القائد أحمد الشرع إن أمن سورية من أمن المنطقة وهو على حق، إلا أن دول المنطقة تنقسم بين متوجس من الثوار ومنهم من يريد احتواءهم ومنهم من يريد إفشالهم!