إن محـــاربة الفساد، بجميع أشكـاله المــالية والاجتماعية والإدارية، تمثل واجبا وطنيا وأولوية قصوى لضمان استقرار المجتمع ونزاهة مؤسساته. غير أن هذه المحاربة، رغم أهميتها، لا تكفي وحدها لتحقيق الإصلاح المنشود ما لم تتبعها معالجة شاملة تعالج جذور المشكلة وتحصن المجتمع من عودة الفساد مرة أخرى.
تتمثل المعالجة الشاملة في تطوير وتفعيل القوانين، وتوفير الدعم المؤسسي والإعلامي باعتباره شريكا أساسيا في التوعية، والتثقيف، وشرح الأضرار الناجمة عن الفساد. فالغياب الإعلامي الواعي والموجه يترك الساحة فارغة أمام من يسعون لتصفية حسابات شخصية أو عرض قضايا فردية على أنها قضايا عامة، بل وقد يسمح بظهور أصوات غير مؤهلة سياسيا تتصدر المشهد، مما يضعف من مصداقية الجهود الإصلاحية.
إن الإعلام النزيه والهادف ينبغي أن يكون رديفا لمحاربة الفساد، لا أن يترك المجال لـ«إعلام المتسلقين» الذين يختزلون القضايا في مصالح ضيقة، فيضيع بذلك الهدف الحقيقي للمحاربة. وبدون هذا التكامل، نجد أنفسنا نتعامل مع الأعراض (كالصداع) بدل معالجة الأسباب (المعالجة الجذرية).
لذا، فإن نجاح محاربة الفساد يتطلب رؤية شمولية تدمج بين العمل القانوني، والدعم المؤسسي، والدور الإعلامي الواعي، بما يضمن إصلاحا مستداما يخدم المصلحة العامة.