أعلنت وزارة التربية في 7 سبتمبر 2025 عن تعديلات في الخطة الدراسية للمرحلة الابتدائية شملت تغييرات في المواد، وعدد الحصص، وتخفيض زمن الحصة إلى 40 دقيقة، وتحديد نصاب المعلم. توقيت الإعلان، الذي جاء قبل أيام من بدء العام الدراسي، يطرح تساؤلات حول مدى جاهزية الميدان التربوي لاستيعاب هذا التغيير وتطبيقه بفعالية، حيث إن الأسابيع الأولى حاسمة لترسيخ بيئة تعلم مستقرة.
إن جوهر التحدي لا يكمن في مضمون القرارات نفسها، فالعديد من النظم التعليمية الناجحة تعتمد مددا زمنية مشابهة للحصص. لكن جودة أي تغيير تربوي، كما يذكرنا الخبير التربوي آندي هارجريفز، «تعتمد على ما يحدث في الفصول الدراسية، وليس في أروقة صانعي السياسات». فالإصلاحات التي لا تمنح المعلمين الوقت الكافي للإعداد والمشاركة قد لا تحقق أهدافها المرجوة.
وتؤكد أطر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن وتيرة الإصلاح هي التي تحدد جودة التنفيذ، وأن السرعة غير المدروسة قد تقود إلى تطبيق لا يمس جوهر العملية التعليمية.
ويكتسب هذا التحدي بعدا إضافيا عند النظر إليه في سياق التوجيه الصادر في 22 مايو 2025 بالبدء في تأليف مناهج جديدة لجميع المراحل الدراسية لتكون جاهزة في العام الدراسي القادم. حيث إن ضغط عمليات التأليف والتحكيم والطباعة والتدريب في أشهر معدودة، والذي يحتاج لسنوات من المراجعة والتنقيح والإضافة، وتزامن ذلك مع تعديل الخطة الدراسية في اللحظة الأخيرة، يضع ضغطا هائلا على المنظومة بأكملها. وهنا، تبرز حكمة مقولة أرسطو: «الجودة ليست فعلا، إنها عادة». والسياسات التعليمية تحتاج إلى أن تبنى كعادة مؤسسية قائمة على التخطيط المسبق، لا كردود أفعال سريعة.
إن الطريق لتحقيق الغايات التربوية النبيلة، مثل تقوية كفايات الطلاب، يمر حتما عبر التخطيط الدقيق. ويمكن تحقيق ذلك من خلال، الإعلان عن أي تغييرات جوهرية قبل بدء العام الدراسي بفصل كامل على الأقل. وتزويد المعلمين بحزم تطبيق عملية وجاهزة للاستخدام. بالإضافة إلى تنظيم برامج تطوير مهني مركزة تسبق وتواكب التطبيق. وتفعيل آليات للمتابعة والتقويم المستمر داخل المدارس. ففي النهاية، كما يقول عالم الإدارة بيتر دراكر، «لا يوجد شيء أقل فائدة من القيام بكفاءة بما لا ينبغي القيام به على الإطلاق». والأولوية هي لضمان أن تكون القرارات قابلة للتنفيذ بفعالية.
وفي النهاية، إن الجمع بين التنفيذ المتسارع لتأليف المناهج وتعديل الخطة الدراسية قبيل بدء الدراسة يمثل تحديا كبيرا للتخطيط التربوي السليم. فالإصلاح الحقيقي لا يقاس بكمية القرارات المتخذة، بل بمدى تحولها إلى ممارسات تعليمية ناجحة ومستدامة داخل الفصول، وهو ما يتطلب إعطاء الميدان التربوي الوقت الكافي والثقة اللازمة ليصبح شريكا أصيلا في رحلة التطوير.
Tab6_khayran@