لا شك أن التيار المحلي الأميركي المنطلق إلى العالم من خلال فترة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب سيؤدي إلى إحداث تغييرات في المشهد العالمي على عدة مستويات، لأن ما يتعارف عليها بـ «الترامبية» لديها أجندات عمل ستتحرك على خط التطبيق والتنفيذ، ومن هنا علينا أن نقرأ الجوانب الإيجابية التي سنستفيد منها نحن العرب في العموم وأهل الخليج بالخصوص.
أحد الجوانب الايجابية أن «الترامبية» الجديدة هي مضادة لتيار النيوليبرالية الجديد، الذي كان يتبنى مسائل غير طبيعية وبالضد لكل ما هو متعارف عليه إنسانيا وكذلك ما هو واقع بيولوجي وفسيولوجي وحقائق اجتماعية ثابتة، ومنها إلغاء دور الأب وتدمير مؤسسة العائلة والدين، وخلق مجتمعات مفتوحة بلا هوية قومية وبرمجة الانحرافات الخلقية ونشر الشذوذ وفرضه قانونا والترويج لها دعائيا وغسيل دماغ الأطفال والمراهقين من خلال استغلال وسائل الترفيه والتسلية من أفلام ومسلسلات وغيرها.
هذه الأمور المنحرفة وقفت «الترامبية» منها موقف العدو ومنعتها من الاستمرار في الواقع الأميركي المحلي وبالتالي العالمي، وهذه إيجابية مهمة للترامبية إذا صح التعبير، وكذلك هي ضرب لمن حاول خلط مصطلحات الفخامة اللفظية مثل «الحرية» و«الديموقراطية» و«حقوق الإنسان» مع هكذا شذوذ وانحراف عن الفطرة البشرية الطبيعية والسلمية، ولعل ذلك قد وضع «المتغربون» في زاوية الإحراج الإعلامي عندما يتراجع الغرب ضمن تياراته عما أخذ «المتغربون» عندنا في الترويج له، وضمن حالة فقدان للوعي يعيشونها عندما تبنوا الترويج للانحراف الخلقي تحت عنوان «الجندرة» ومن خلال المؤسسات غير حكومية التمويل.
الإيجابية الأخرى لـ«الترامبية» في واقعنا العربي أنها أظهرت اهمية «الوحدة الخليجية» والتضامن بين دول مجلس التعاون، خاصة ان الوحدة الخليجية وتسارع حدوثها سيصنعان نجاح إشكالية ضمان تواصل التنمية المستدامة وتحقيق الامن، وهذه الثنائية طريق الوصول اليها وصناعتها هو العمل على صناعة الوحدة الخليجية الواحدة التي ستغنينا نحن العرب واهل الخليج عن كل من هم أجانب وغرباء عنا.
ونحن نثمن ونقدر مشاريع الوحدة الخليجية التي تتحرك على أرض الواقع، لكن في ظل ظروف الترامبية الجديدة وتأثيراتها نحن نتصور ان إطلاق مشاريع ومؤسسات الوحدة المدروسة على أرض الواقع يجب ان يكون ضمن وتيرة اسرع وضمن سياقات اكثر تأثيرا في مجالات الامن والاقتصاد والتربية والجوانب العلمية بكل انواعها واتجاهاتها للاستعداد لعالم محتمل ان يكون متعدد الاقطاب.
إذن، العمل لمواجهة التحديات المشتركة يتطلب الاستفادة من الإيجابيات والمضي قدما في إتمام الوحدة الخليجية.
وقفة