إن الاعتــداء الصهــيوني على دولة قطر يطرح تساؤلات عميقة حول طبيعة المستقبل المطلوبة صناعته في واقعنا، وحماية حدود النفوذ الأمني والسياسي في المنطقة، خاصة أننا في ظل مرحلة انتقالية عالمية لعالم متعدد الأقطاب، والذي من الواضح أن سياسة الحياد الإيجابي هي إحدى ركائز حركة العمل التي تتحرك بها جميع دول مجلس التعاون، ولكن تطورات الأحداث بعد معركة طوفان الأقصى وامتداد الشر الشيطاني الصهيوني إلى مناطقنا تجعلنا في موقع آخر مختلف عما سبق هجوم الدوحة الغادر.
إن الاعتداء على أهلنا في قطر هو جرس إنذار لكل دول مجلس التعاون لتسريع الخطوات في صناعة آليات الحماية العسكرية والأمنية والتعاون الاستخباراتي الذاتي الخاص بـ «دول» هذه المنظومة، وهذه الأمور في طبيعتها تقنية اختصاصية وسرية نتركها للعسكريين والمسؤولين للتحرك بها والعمل على تفعيلها، وهي أشياء «لا» يتم نقاشها إعلاميا و«لا» تداولها علنا في طبيعة الحال وهي تتحرك في صناعة الهدف النهائي، وهو إقامة «أمن خليجي» معتمد على ذاته والصانع لقدراته والرادع لأعدائه والحافظ لوجوده ضد الغرباء الأجانب وأعدائنا الصهاينة.
إن حركة الإدانة الإعلامية وتسجيل مواقف التضامن الشعبي والرسمي مع أهلنا في دولة قطر لا شك أنها أمور مطلوبة وقد تكون روتينية، ولكن ما يساندها ويقويها هو الحركة التنفيذية على أرض التطبيق، هو حركة عليها أن تكون صاحبة مشروع يدفع عنا الشيطان الصهيوني بعيدا عن مناطقنا، وأن تكون المشروع الذي يحارب أعداءنا الصهاينة والذين أعلنوا أكثر من مرة وضمن وقاحة «لا» حدود لها عن نيتهم لإقامة ما يسمونه «إسرائيل الكبرى» على أراضينا العربية الخليجية، وهذا تأكيد آخر متكرر على أن صراعنا معهم هو صراع وجودي وليس مسألة حدودية، وضمن صراع كهذا علينا العمل ضمن الحالة القرآنية التي تتطلب منا الاستعداد والإعداد.
(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون). (الأنفال:60)
إن هناك تحديات أمنية وعسكرية متزايدة ضد دول مجلس التعاون، لذلك تبرز الوحدة الخليجية كركيزة أساسية لحماية الأمن والوجود وطرد الصهاينة الغرباء من مناطقنا، والطريق إلى التكامل العسكري أصبح ضرورة وجودية في مواجهة التهديدات الخارجية الصهيونية، وخاصة الاعتـداءات الأخيرة التي تستهدف سيادة واستقرار المنطقة.