خربت سيارة السائق، فأصبحت لدى العائلة سيارة واحدة بدلا من اثنتين، فاضطررت للطلب من السائق توصيلي للدوام ثم العودة واستخدام السيارة في أمور العائلة من مدارس وجمعية وغيرها.
اكتشفت خلال هذا المشوار شعورا غريبا افتقدته منذ 25 سنة وهو شعور الراكب الذي لا يقود السيارة. شعور مريح مطمئن تنشغل فيه بتلفونك بكتاب جميل تقرأه او سماع آيات كريمة وخاشعة من الذكر الحكيم ثم تصل للمكان الذي تريده، قارنته بشعوري حين كنت أقود السيارة بنفسي وجميع حواسي الخمس وفوقها السادسة مستنفرون ويعملون في الوقت نفسه غير الغضب والزعل على بعض «العاهات» مستخدمي الطريق الذين يتصرفون كأن الطريق ملك خاص لهم.
شعور الراكب آخر مرة احسست هو قبل 25 سنة في أميركا، حيث كان الباص والقطار وسيلتي المفضلة للتنقل على الرغم من امتلاكي سيارة، والأمر الذي لا يعرفه شباب هذا اليوم ان باصات النقل العام كانت تمر داخل ضواحينا في السابق، وكنا كثيرا ما نستخدمها للذهاب لجميع انحاء الكويت وبتكلفة 100 فلس فقط، لكن فجأة اختفت تلك الباصات من شوارع ضواحينا واصبحت تمر على اطرافها وفي الطرق الرئيسية بين الضواحي فقط، وهو أمر أفقدها الكثير من الزبائن المواطنين، خاصة بعد توسع وكبر الضواحي حتى أصبح بعضها 12 قطعة، فلا تستطيع المشي خلال عدة قطع فقط للوصول لمحطة باص خاصة مع جونا الحار.
كما فهمت وعرفت عند سؤالي عن سبب اختفاء تلك الباصات أنه يرجع إلى أمرين: الأول تعرض الكثير منها لاعتداءات بالرمي بالحجارة من المراهقين، مما أدى إلى حدوث كسور في الزجاج الأمامي والخلفي والنوافذ مع حدوث اصابات للسواق، أما السبب الثاني فهو عدم الجدوى الاقتصادية بحجة ان الكويتيين لا يستخدمون الباصات.
لا أدعي ان عندي حلا للمشكلة الأولى (ان صحت)، لكنني احتج وبشدة على السبب الثاني، فالكثير من المواطنين مثلي «لاعت جبدهم» من قيادة السيارة وأرغب في الراحة على الاقل يومين ثلاثة بالاسبوع باستخدام وسيلة نقل عام نظيفة ومناسبة حتى لو زادوا التعريفة لها قليلا.
اذا استخدمت باص النقل العام فستعود بي الذاكرة 50 سنة إلى الوراء حين شاهدت اول فيلم سينمائي في حياتي (السيف القاهر) وذلك عن طريق ركوب باص المواصلات الذي اخذني من الرابية في نهاية الشارع الذي اسكن فيه إلى أمام سينما غرناطة في خيطان والتكلفة لا أتذكرها 50 او 100 فلس.
٭ نقطة أخيرة: اقتراحي هو استحداث خطوط جديدة تخدمها باصات أكثر راحة وأكثر رفاهية وتمر داخل ضواحينا ولتكن التعريفة مرتفعة قليلا لتبرر المغامرة من شركات النقل العام. أنا متأكد وأجزم بأن الاقتراح سيلقى إقبالا كثيرا، وسيكون خطوة كبيرة نحو نشر ثقافة النقل العام والحد من أعداد السيارات في شوارعنا والتي حسب احدى الاحصائيات تزيد على 50 ألف سيارة كل سنة.
ghunaimalzu3by@