هل سبق أن شعرت بأن الظروف أقوى منك؟ أن الحياة تسير في اتجاه لا تملك فيه دفة القيادة؟ ربما راودك هذا الإحساس في لحظة إحباط، لكن الحقيقة أن النجاح أو الفشل ليسا نتيجة حتمية لما حولك، بل هما انعكاس لما بداخلك. لا أحد يولد ناجحا، ولا أحد يولد خبيرا في مجال معين. النجاح يصنع، والخبرة تكتسب، والقرار في النهاية قرارك.
كثيرون ولدوا في بيئات فقيرة، بلا امتيازات أو دعم، ومع ذلك استطاعوا أن يتركوا بصمة في التاريخ. في المقابل هناك من ولدوا في ظروف مثالية، داخل عائلات ثرية، وتوافرت لهم كل سبل التعلم، لكنهم خسروا كل شيء لأنهم لم يتعلموا كيف يتحكمون في أهوائهم، ولم يدركوا أن المال وحده لا يصنع النجاح. المهارة والخبرة هما رأس المال الحقيقي، ومن يملكهما يستطيع أن يصنع المال متى شاء، بينما من يعتمد على ما يملك فقط، يظل أسيرا له.
في الجانب الآخر، هناك من اختاروا أن يكونوا ضحايا. يشتكون من الظروف، يلومون الآخرين، ويبررون إخفاقاتهم بعوامل خارجية. إذا سألت أحدهم عن سبب فشله، سيحدثك عن الاقتصاد، أو المدير، أو الجو الأسري، أو حتى الحظ. لكن الحقيقة أن الشكوى لا تصنع حلولا، وأن التذمر لا يفتح أبوابا.
الفرق بين الناجح والفاشل لا يكمن في الذكاء أو الحظ، بل في طريقة التفكير. الناجح يرى النور في نهاية النفق، بينما الفاشل يرى الظلمة بعد كل شروق. الناجح يتحمل مسؤولية قراراته، يتعلم من أخطائه، ويعيد المحاولة. أما الفاشل، فيتنصل من المسؤولية، ويختبئ خلف الأعذار.
وربما في السنوات القادمة، لن يكون النجاح مرتبطا بالمكان الذي ولدت فيه، ولا بالفرص التي أتيحت لك، بل بالقدرة على التعلم المستمر، والتكيف، واتخاذ القرار في الوقت المناسب. ستصبح المهارات الشخصية أكثر أهمية من الشهادات، وستقاس القيمة الحقيقية للإنسان بقدرته على تجاوز العقبات، لا بعدد الامتيازات التي بدأ بها. وسيتضح أن من يملك زمام نفسه هو من يملك زمام مستقبله.
تحمل المسؤولية لا يعني جلد الذات، بل يعني أن تعترف بدورك فيما يحدث، وأن تملك الشجاعة لتعيد النظر، وتضع خطة جديدة. إذا كنت لا تعرف ما يكفي عن التسويق، فابحث، اقرأ، شاهد، تعلم. إذا واجهت مشكلة في عملك، فاستعن بخبير. لا تنتظر أن تحل الأمور من تلقاء نفسها، لأنك وحدك من يملك زمام المبادرة.
قد تواجه أمواجا عاتية، لكنك تملك المجاديف. لا تستسلم، ولا تلم. القرار قرارك، وأنت المسؤول الأول والأخير عن نجاحك أو فشلك. فاختر أن تكون من يصنع طريقه، لا من ينتظر أن يفتح له.
Instagram: @hamadaltamimiii