في ظل الضباب الاقتصادي الذي يكتنف الأسواق العالمية، برزت دول اختارت مسارا بخطى ثابتة وقرارات حاسمة، كسرت فيه قيود الروتين والبيروقراطية، لتشق طريقها نحو شمس الحرية الاقتصادية الساطعة.
ما هو مفهوم الحرية الاقتصادية؟
تعرف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) الحرية الاقتصادية «بقدرة الأفراد والشركات على اتخاذ قراراتهم الاقتصادية في بيئة تخضع لسيادة القانون، وتوفر الشفافية، وتحترم حقوق الملكية، مع الحد الأدنى من تدخل الدولة».
هل هي مفتاح للنمو والازدهار؟
نعم بالطبع.. حيث تكمن أهميتها في كونها الحجر الأساس لاقتصاد نابض بالحياة، مليء بالفرص المتجددة. فهي تتيح للأفراد والشركات حرية اتخاذ قراراتهم، مما يعزز روح الابتكار، ويحفز الاستثمار، ويهيئ بيئة تنافسية تنتج سلعا وخدمات عالية الجودة وبأسعار مناسبة. وتسهم هذه الحرية أيضا في تمكين الإنسان، في تعزيز شعوره بالاستقلال والمسؤولية، وتمنحه مساحة واسعة لتحقيق طموحاته بعيدا عن القيود البيروقراطية.
ففي المجتمعات التي تتبنى هذه الحرية، غالبا ما تسجل معدلات نمو أعلى، ومستويات معيشة أفضل، وقطاعا خاصا أكثر حيوية وقدرة على التكيف مع المتغيرات.
باختصار، فإن الحرية الاقتصادية ليست ترفا، بل ضرورة جوهرية لتحقيق تنمية شاملة مستدامة.
لذا، يعكس مؤشر الحرية الاقتصادية العلاقة الإيجابية بين مفهوم الحرية ومجموعة متنوعة من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية، كما ينبني على عدة ركائز سواء كانت رئيسية أو فرعية كانفتاح الأسواق، وسيادة القانون، الكفاءات التنظيمية، وحجم الإنفاق الحكومي.
الحرية الاقتصادية والاستثمار: تشير بيانات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى أن الدول التي تحتل المراتب العليا في مؤشرات الحرية الاقتصادية، تستقطب سنويا استثمارات أجنبية مباشرة تفوق أضعاف ما تجذبه الدول ذات القيود الاقتصادية المرتفعة.
لذلك تعتبر كل من سنغافورة، نيوزيلندا، وإيرلندا هي أمثلة بارزة لدول اعتمدت نماذج اقتصادية ليبرالية منضبطة، ما جعلها وجهات مفضلة للشركات العالمية، رغم صغر حجم أسواقها.
الإطار القانوني.. الضامن الأول لرأس المال: يجمع خبراء الاقتصاد والمفكرين على أن حماية حقوق الملكية تمثل العمود الفقري لأي نظام استثماري ناجح. ففي ظل وجود قضاء مستقل وقوانين واضحة ونافذة، يشعر المستثمر بالأمان على أصوله، ما يشجعه على توسيع نطاق استثماراته وزيادة مدة التزامه. مما تؤدى تلك العوامل إلى تعزيز تنافسية الدولة في خريطة الاستثمار العالمية.
الحرية لا تعني الفوضى! رغم أن الحرية الاقتصادية تتطلب تخفيف القيود، فإنها لا تعني إطلاق السوق بلا ضوابط. بل بالعكس، فالدول الأكثر حرية اقتصاديا هي أيضا تلك التي تمتلك مؤسسات رقابية فعالة، وتطبق قوانين حماية المنافسة، وتكافح الاحتكار. فحرية السوق لا تكتمل إلا عندما تكون القواعد واضحة ومطبقة بعدالة.
من يتصدر المشهد العالمي 2025؟ جاءت الدول التالية في المراتب الأولى في مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2025، حيث نجحت في بناء بيئات اقتصادية نابضة بالحيوية، تدعم الاستثمار وتحفز روح الابتكار، حيث تصدرت الإمارات القائمة بحكمتها في إدارة السوق، تلتها قطر برصانتها المالية، ثم البحرين وعمان والسعودية برؤيتها الطموحة نحو المستقبل.
فأما على الصعيد العالمي فقد تصدرت القائمة كل من سنغافورة، وسويسرا، وايرلندا، وتايوان، وطاجيكستان.
hamedmadouh919@hotmail.com