ما الذي نحمله معنا على مر السنين،، تطوى السنوات بحلوها ومرها،، هي تسير غير آبهة بما يحصل وما تفعل بنا.. إنجازات كانت أو انتكاسات حروب ودمار أم تطور وعمار،، كل ما عليك يا ابن آدم أن تقرر مكانك في هذه السنين.
انتهت سنة وأقبلت أخرى، ربما أحد الأمور التي تميزنا نحن كبشر عن بقية الكائنات وعينا بهذا الأمر، ربما يكون هناك غريزة عند بعض الكائنات لتهاجر ولتعد نفسها لمواسم معينة من بيات وغيره، ولكن ما يميز الإنسان إحساسه بالوقت الذي ينقضي وعمره الذي يمضي، نرى الأهداف تكتب والعهود تجدد في بداية كل سنة،، فتسطر الغايات، قد يجد الإنسان السنة الجديدة فرصة ليبدأ بعادات جديدة ونهج لحياة أفضل، وهذا أمر جيد لا محالة.
لنحاول أن ننظر من زاوية مختلفة هذه المرة، ماذا لو كان أحد أهم الأهداف، الهدوء وتطمين النفس أن كل الأمور ستكون بخير دون أن نكون في سباق مع الزمن أن نبطئ من إيقاع حياتنا الذي أصبح سريعا بشكل مروع أصبحنا لا نطيق انتظار وجبة قمنا بطلبها وتأخرت خمس دقائق عن وقت الوصول،، أصبحت السرعة تؤثر علينا سلبا،، أصبحنا لا نطيق الانتظار..
أعتقد أن ترويض النفس على الهدوء في هذا الزمن أمر يحتاج إلى تدريب،، لا نريد أن نشبه عصرنا في سباقه الماراثوني،، ماذا لو أخذنا عهدا على أنفسنا بأن نكون نحن أكثرهدوءا وحكمة، لنعرف ما نريد فنكون القوة المسيطرة المتحكمة،، أن نقرر ونكتب أهدافنا بما يناسبنا،، أن نعلم أبناءنا أن يكتشفوا أجمل ما في أنفسهم ويحبوه دون أجهزة إلكترونية سريعة تأخذهم إلى حيث تريد.. أن نقضي وقتا أطول معهم للحديث والنقاش،،
أن نتقبلهم ونهدأ لنستطيع تقبلهم في كل مراحلهم العمرية،، ونعلمهم كيف يتقبلوا ذواتهم فتتشكل شخصياتهم هادئة مستقرة واثقة،، نتعلم ألا نشبه العصر بسرعته فكل ماهو سريع فيه عبارة أن تقنيات وأجهزة إلكترونية لتأخذ بيدنا لتحقيق أهدافنا ولكن لننتبه حتى لا تطولنا يد عصر السرعة فتغتال هدوءنا وراحة بالنا،،
لا أؤيد التغني بأمجاد أزمنة عشنا فيها وذم عصرنا الحالي،، فلكل زمن لون وطعم يتميز به، ولكن لاننسى بشريتنا في زمن غدت الآلة تغزو عالمنا، ولنتذكر نحن البشر أننا من صنعنا تلك الآلة وطورناها، لنصحبها في رحلتنا لنحكمها قبل أن تحكمنا وتسيطر علينا.
كل عام وأنتم بخير وصحة، كل عام وأنتم أكثر هدوءا وحكمة وسعادة، ودمتم بخير.