حادثة أطلقت كاسم للرواية التي كتبها الكاتب عبدالوهاب الحمادي، حيث تم القبض على طباخ هندي بتهمة ذبح قطط وطهوها لزبائنه على أنها لحم غنم. رواية تستحق القراءة، ترى فيها استعراض تفاصيل جميلة لحقبة زمنية ما قبل الهدامة وأثناءها وبعد انتهاء تجارة الغوص، ناهيك عن اللغة العربية السليمة التي صيغت بها الرواية، عرض سلس بلغة جزلة، وصف للأحداث بطريقة ممتعة لا يسأمها القارئ، تجد نفسك مسترسلا في قراءتها وكأنك تشاهد مسلسلا أو كما صنعته مخيلتي، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على براعة الكاتب وموهبته.
مثل هذه الكتب تشعل في نفسي جذوة أمل أنه مازال بين شبابنا من يتفنن في سرد اللغة، يتقن أبسط قواعد اللغة والنحو وأعمقها بسرد تاريخي جميل، أرى هذه الرواية مادة خصبة ليتم تخصيصها مادة دراسية في مدارسنا، سواء في مناهجنا أو اطلاع خارجي من معلمي ومعلمات اللغة العربية أو حتى مادة الاجتماعيات في المرحلة المتوسطة والتاريخ للمراحل الثانوية، بحيث يتم تعزيز التاريخ في أذهان أبنائنا من خلال تشجيعهم على القراءة، كما أن الرواية تصلح للاستشهاد ببعض فقراتها لتعليم قواعد النحو بطريقة إبداعية في مدارسنا، ماذا لو خصص لكل فصل دراسي كتاب خارجي على الطالب مناقشته ونقده في بيئة علمية جميلة، نزيد فيها الوعي والثقافة ونعزز استخدام اللغة.
لقد جمع هذا العمل الفني ألفاظا عربية متنوعة بعضها يتميز بعمق الدلالة وقلة تداولها، وبعضها كلمات نتداولها في لهجتنا العامية، ولكنها ذات أصل عربي، مثل: كلمة (خرمس) التي ذكرت بالرواية وهي أساسا كلمة عربية فصيحة تعني الظلام الدامس، وكلمة (الحزة) التي تعني الوقت وهي كلمة فصيحة أيضا. وعلى جانب آخر، استخدم الكاتب ألفاظا عربية عميقة وظفها بشكل يرسم لك أبعادا تتجاوز بساطة ظاهرها أو كما أثرت في نفسي على سبيل المثال عبارة (تسنمت عملك) أي ترأست عملك، وقد جاءت هذه الكلمة من سنام البعير، قيل هذا التعبير في شخص من أهل بحر، ما أثار في نفسي شعورا بأن رجال الكويت سواء كانوا أهل بادية أو أهل بحر أسهموا في بناء تاريخ الكويت، وكأنها كلمة وحدت الجهود وضافرتها.
أجد الفن القصصي والروائي وسيلة لتثقيف أبنائنا وشبابنا بالتاريخ باللغة وزيادة الثروة اللغوية، عن طريق القراءة والمناقشة، نحن بحاجة إلى جيل يقرأ، يبحث، جيل يهجر ألواحه الذكية التي أدت إلى غياب العقول وتحجرها وشلل الأجساد وتكاسلها، إلى جيل لا ينسى تاريخه وألفاظه ولغته مع حرصه على الأخذ بكل علم تكنولوجي جديد فهذا المستقبل الواعد. ختاما نفخر بوجود كاتب كويتي ينهض بمسيرة الكويت الأدبية ويرقى بها، أجد الكاتب عبدالوهاب الحميدي كاتبا واعدا، وهذا أمر يثلج الصدر، فقد تراخت أيدينا عن يدي لغتنا الجميلة حتى فترت العلاقة، وإني أخشى طلاقها.