ينظر العالم اليوم إلى التقنيات والرقميات المتطورة التي تتسارع بشكل مذهل في عالمنا الصغير، حيث يسابق الزمن بإيقاع سريع ومفاجآت متلاحقة في ظل ثورة تكنولوجية عميقة. ويعد الذكاء الاصطناعي أحد أبرز مظاهر هذا التقدم، إذ أحدث نقلة نوعية وطفرة غير مسبوقة، جعلت من الحياة والعمل أكثر سهولة ومرونة، كأداة مساعدة للإنسان، بل وبديل في كثير من المهام.
ومع الانتشار المتزايد للذكاء الاصطناعي، نجد استخدامه يتوسع يوما بعد يوم. فمثلا، أظهرت دراسة حديثة أن 92% من الطلاب يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي في التعليم والبحث، وهو ما يعكس مدى اعتماده في البيئة الأكاديمية. كما تشير تقارير اقتصادية إلى أن هذه التقنية ستسهم بـ 15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، ما يبرز عمق تأثيرها المتصاعد.
لكن، رغم هذه الطفرة الإيجابية، لا يمكن تجاهل بعض الاستخدامات السلبية وغير الأخلاقية، مثل سرقة المعلومات، نسخ المحتوى، إنشاء مواد مزيفة، انتهاك الخصوصية، وجمع البيانات بشكل غير قانوني. وهنا تكمن خطورة الاعتماد غير الواعي أو العشوائي على هذه التقنيات.
الإنسان بعد أن ابتكر هذه التكنولوجيا العبقرية، زودها بالبيانات، ودربها على تنفيذ الأوامر، ووظفها في مجالات متعددة كحل المشكلات، الترجمة، تحليل المعلومات، القيادة الذاتية، إدارة الموارد البشرية، وفهم اللغة، ما جعلها تقوم بمهام كثيرة ببراعة تضاهي أداء الإنسان في بعض الجوانب. وانتشرت أدوات مثل ChatGPT وSiri وDeepSeek وQuillbot وغيرها، لتستخدم في مجالات التعليم، الصحة، الصناعة، والخدمات.
لكن مع كل هذه الإمكانيات، لا يزال العقل البشري هو الأذكى والأكثر ابتكارا. لا توجد خوارزمية توازي قدرة الإنسان على الإبداع، الخيال، اتخاذ القرار، أو التعامل مع القيم الإنسانية، فالذكاء الاصطناعي - في نهاية المطاف - مجرد أداة من صنع الإنسان، ولا يمتلك وعيا ذاتيا أو ضميرا أخلاقيا.
من هنا، يجب أن نستثمر الذكاء الاصطناعي بشكل ذكي ومسؤول، ونسخره لخدمة المجتمعات وتحقيق احتياجاتهم. ولكن الأهم من ذلك، أن نؤمن بقدراتنا العقلية المبتكرة التي لا حدود لها، وندرك أن هذه التقنيات ما هي إلا وسيلة تعكس عظمة الإنسان ومواهبه الفريدة التي خلقها الله جل في علاه بإبداع وإتقان.
ealsafran@gmail.com