علاقة الأخوة علاقة كبيرة ولها معان عميقة، وحينما تكون تلك العلاقة الأخوية ذات دافع إنساني وقيمة نبيلة متصلة بالله، تكون من أرقى العلاقات وأمتنها.
هذا تماما ما جسده أخي ورفيقي ومعلمي وقدوتي الأستاذ وليد عبدالله الصفران، الذي كان له دعم معنوي ومادي هائل طوال فترة دراستي في الولايات المتحدة الأميركية، وبدونه لم تكن لتتحقق دراستي، وبالتالي هذه الدرجة العلمية. ففي بداية دراستي، أتذكر أن أخي وليد كان مؤمنا بتوجهي وجديتي في الدراسة، وكان المساند والمعين لي، والناصح الأمين، وصاحب الفزعة. قال لي: «اذهب ولا تحاتي، فلوسي وكل ما أملك لك، بما أنك تريد أن تدرس». كانت وقفة شجاعة ونظرة ثاقبة من أخي تجاه إمكاناتي، وكلماته كان لها أثر كبير في نفسي. ومهما قدمت لهذه الشخصية من تضحيات فلن أوفيه حقه، ووقفته دين في رقبتي إلى آخر يوم في حياتي.
كان أخي سببا رئيسيا في سعادتي وتطوري، وجعل لحياتي قيمة. وكل ما أملكه حاليا، له الأجر والفضل فيه بعد الله. ومن خلال هذا الدعم اللامحدود، بدأ الطموح يراودني بجدية، وقررت أن أدرس وأتعلم وأكون إنسانا ذا أهداف وطموحات، وأسعى إلى تحقيقها.
لم تكن كلمات أخي في بداية دراستي مجرد دعم وتحفيز، بل ترجمت إلى أفعال حقيقية، سطرت بأروع الأمثلة من تقديم المال والوقت والجهد والتضحيات، إلى النصح والمشورة. إيمانه وثقته بي زادا من إصراري وحماسي للدراسة، ومنحاني قوة داخلية ليس لها مثيل.
وخلال دراستي، لم يكن فرق الأميال بيننا ـ من الكويت إلى أميركا ـ بعيدا، لأن الأثر كان ممتدا، والأحاسيس قريبة، ومعي في كل وقت، وأشعر بها رغم المسافات. أخي كان نعم المعين في الغربة، وتحمل الكثير لأجل أن أكمل دراستي وأتعلم.
تعلمت من تضحية أخي قيمة العطاء بلا مقابل في حياة الإنسان، ومدى أثره. ولا شك أن العطاء صفة نبيلة يتحلى بها أصحاب الإحساس الرفيع والنبض العميق. وهذا العطاء الذي عشته كقيمة حقيقية، حفر في داخلي حبا للعطاء دون انتظار المقابل، وأصبح أخي مثالا للقدوة الحسنة.
فشكرا من القلب، يا من زرعت بي حب العطاء، وجنيت الخير والبركات.
ومن تجربتي الشخصية وتجارب مماثلة في مجتمعنا الفاضل المتعاون، أؤكد على ضرورة ترسيخ فضائل الأخوة الصادقة والعمل على نقاء النفوس بين الإخوة وتجديد العلاقات الأخوية المتجذرة أصلا في وجداننا وأحاسيسنا، وأن نرجع إلى فطرتنا التي فطرنا الله عليها من اتصال عاطفي وتغذية روحية، ولا نسمح لمشاغل الحياة أن تشغلنا عن لقاءات تملؤها السكينة والدعم المعنوي والمادي فيشد كل منا عضده بأخيه في رحلة الحياة القصيرة.
ealsafran@gmail.com