خلال الأعوام الـ 50 الماضية تحولت العلاقات الأسرية والاجتماعية من علاقات تسودها الألفة والمودة والحرص على التواصل المستمر إلى علاقات تحكمها الظروف والتباعد الوظيفي وتسارع نمط الحياة.
وفي لحظة تأمل وإدراك للواقع يتمنى من عاش زمن التلاقي عودة تلك اللقاءات الأسرية والعائلية التي تضفي بهجة وسعادة لا مثيل لها على الإنسان، وتلبي احتياجاته النفسية والاجتماعية، وتكون قــربة لله ووسيلة لرضاه. ولكن حتى لا نكون منفصلين عــن الواقع ونتعامل معه بطريقة منطقـية، أعتقد أن العودة إلى ذلك الزمن باتت ضربا من المستحيل، إلا أننا يمكن أن نطبقها بشكل لقاءات متباعدة ولو سنوية، فهذه اللقاءات العائلية الموسعة تعزز التواصل والتقارب والتراحم والتعاون بين أفراد العائلة، كما تضيف ودا ومحبة وألفة لا تقدر بثمن.
وفي تجربة واقعية عشتها ضمن عائلتي، كنا نشعر بالضيق لعدم اجتماع الأسرة لفترات طويلة ومتباعدة، إلى أن انبثقت فكرة الاجتماع العائلي السنوي الموسع برؤية ثاقبة من مجموعة من أبناء العائلة، بهدف تعزيز صلة الرحم والتواصل المستمر. وما إن بدأ تطبيق هذه الفكرة حتى حلت البركة، ولاقت تفاعلا كبيرا من الجميع، وانتشرت بشكل واسع بين أبناء العائلة، ووجدت صدى طيبا وردود فعل رائعة، لتمتد بشكل رائع حتى وصلت إلى أبناء العم في دول الخليج. وعلى مدار ما يقرب من اثنتي عشرة سنة من أول اجتماع، وباستمرارية مميزة، أصبحت العائلة أكثر تماسكا وتواصلا وتكافلا، وتطورت الأفكار والمبادرات، بدءا من إنشاء صندوق اجتماعي تكافلي عائلي، مرورا بتشجيع الموهوبين والمنجزين معنويا، وصولا إلى توثيق التاريخ العائلي وحفظ الأصول والمعلومات المهمة. ولأن الفائدة من هذه اللقاءات كبيرة وغير محدودة، فقد انعكست إيجابيا على الجميع نفسيا وفكريا واجتماعيا وروحيا، كما أثرت بشكل واضح على الجيل الجديد، فغرست فيه قيمة التواصل، ومعرفة الأصول، والانتماء العائلي، وحب صلة الرحم، وعلم مدى عظمتها وأثرها الديني والدنيوي.
ومن هذه التجربة الراقية والرائعة أعتقد أن المجال ما زال مفتوحا أمام الجميع للوقوف أمام الذات والتفكير بإحياء عادات وتقاليد تعود بالنفع على جميع أفراد العائلة بالخير والسعادة، خصوصا أن مجتمعنا جبل على الود وحب الخير للجميع.
جمعكم الله دائما على الخير والمحبة.
ealsafran@gmail.com