الساعة 3 فجرا أصيب ابني بنوبة ربو حادة فقد معها القدرة على التنفس، ومن دون أدنى تفكير حملته بالسيارة للمستشفى بأقصى سرعة متمنيا أن تطوى الأرض من تحتي، وبعد الوصول وتلقي العلاج أدركت أني كنت أقود بسرعة عالية وأني طفت الإشارة. وقتها كانت سلامة ابني أولوية قصوى، هذا الموقف يمر للكثير من الناس بصور مختلفة ويكون فيها الإنسان في وضع استثنائي.
قانون المرور الجديد قانون مستحق خاصة أن الكثير من المخالفات قبل القانون الجديد تعتبر مخالفات جسيمة وتسبب حوادث ووفيات في مقابل مخالفة بسيطة وغير رادعة، خاصة مخالفات السرعة والاستهتار والرعونة وتجاوز الإشارة الحمراء، ومع القانون الجديد والتشدد بالعقوبات من الطبيعي انه يخضع أي متجاوز أو متهور لسيف القانون.
ولكن لكل قاعدة استثناء، ففي قصتي ومحاولة إنقاذ ابني لم أقصد السرعة ولا مخالفة القانون ولكن الظرف أجبرني، وكما أجبرنا الظرف الطارئ هناك الكثير من الحالات التي تكون تحت ظرف استثنائي ويجب النظر لها بروح القانون، ومن هذه الاستثناءات غير الحالات الطبية الطارئة هناك المرأة الحامل تجد ضررا في استخدام حزام الإمان أثناء القيادة، ومريض السكر المضطر للقيادة قد تصدر منه مخالفات بسبب مضاعفات المرض، وكذلك كبار السن ممكن تصدر منهم مخالفات غير مقصودة، ومن جهة اخرى هناك ظروف لا تعتبر طارئة ولكن يجب الانتباه لها ومنها ان بعض سائقي العوائل او الشركات لا يلتزم ويضع المخالفات في رقبة الكفيل، إما عن جهل أو استخفاف او مشاكل بينه ورب العمل أو تهور وعدم مبالاة.
هذه الاستثناءات تحتاج لمعالجة، فليس من المنطق وقوع مخالفات لظروف خارجة عن الإرادة البشرية، وليس من المنطق مقارنة سائق صغير من العمر ومستهتر متعمد السرعة والرعونة مع صاحب ظرف طارئ فيه حياة أو موت.
لذا، نتمنى لو فتح المجال للتظلمات على المخالفات خاصة غير المباشرة من خلال مخفر المنطقة، بحيث ترفع التظلمات ويبت بها بعد التحقيق والتدقيق بشكل مستعجل، فالقانون في النهاية ليس لعقاب الناس بل للتنظيم والحد من الاستهتار والرعونة.
ومن أجل فاعلية القانون والتخفيف من الازدحام والعمل على سهولة الحركة المرورية، نتمنى لو تضاف بعض الإجراءات المرورية للقانون ومنها، وضع مؤشر توقيت عند الإشارة المرورية كما في كثير من دول العالم ليعرف السائق الوقت المتبقي، لأن البعض عندما يرى الإشارة خضراء يسرع أكثر ليدركها وما إن يصل وتتحول إلى حمراء فإنه يفقد السيطرة على التوقف، مما يسبب حوادث، كذلك ضرورة وضع تنبيه للسائقين أن امامهم كاميرات وان المسافة بين الكاميرتين محسوبة، وإذا أسرع يخالف. كما أن عملية ضبط الإشارة المرورية وقت الازدحام تسمح للشارع الأكثر كثافة بإعطائه مدة أكثر لانسيابية المرور.
وفي الختام، لا ننسى إن نشكر وزارة الداخلية على الحملة الإعلامية المصاحبة لقانون المرور الجديد، والتوضيح أن القانون ليس بهدف المخالفات، ولكنه وعي بخطورة الاستهتار والرعونة، وأن الأمر ليس جباية أموال ولكن فرض لهيبة القانون، ليكون البلد أكثر تنظيما وأقل حوادث، وأن القانون عملية متكاملة وتخطيط ومراعاة لظروف الناس، والهدف هو الحد من الحوادث وانسيابية الحركة وتخفيف الازدحامات.