كلنا يود السعادة ويحب الفرح ويكره الحزن والكآبة، ولكن السعادة لها طرقها وأسبابها، وهي لا تباع ولا تشترى، ولو كانت السعادة تُشترى بالمال لاشتراها الناس بأغلى الأثمان، ومع ذلك فهناك نوع من السعادة لها طعم خاص، ظاهرة وباطنة، وعنوان ذلك «أسعد الناس من أسعد الناس»، فبإسعادك الناس، الناس تسعد، وهي السعادة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يقول: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا...» حديث صحيح.
فالسعيد حقا من أسعد الناس، ولن نحصل على السعادة الحقيقية إلا باتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك أن نفرح لفرح الناس ونحزن لحزنهم، فنشاركهم في سرائهم وضرائهم، ونمد لهم يد العون إذا احتاجوا إلينا، فالسعي في قضاء حوائج الناس وإدخال الفرح إلى قلوبهم قمة السعادة، وكلما أسعدت من حولك كلما كنت سعيدا، وأقل ذلك الكلمة الطيبة، والمعاملة الحسنة والتبسم في وجه من تراه.
إن في إسعاد الآخرين ومواساتهم لذة يوجدها المولى عز وجل في النفس، يقول الشاعر:
أخو البشر محبوب على حسن بشره
ولن يعدم البغضاء من كان عابساوالــذي يزرع ورود السعادة يجني الراحة والأمان والاطمئنان وراحة الضمير، وهي أقصر الطرق إلى محبة الناس، واعلم أنك لن تكون سعيدا وأنت السبب في حزن وتعاسة غيرك.
ودمتم سالمين.