الحلم معناه الأناة والعقل وضبط النفس، وهو صفة محمودة تدل على الرزانة، فالحليم يضبط نفسه عند هيجان الغضب، وقد قالت العرب: الحلم سيد الأخلاق، أي أنه أهمها، فالحليم أكرم الناس وأفضلهم سيرة وسريرة، وقد روي أن رجلا أسمع عمر بن عبدالعزيز بعض ما يكره فقال: لا عليك إنما أردت أن يستفزني الشيطان بعزة السلطان فأنال منك اليوم ما تناله مني غدا، انصرف ان شئت.
وشتم رجل الشعبي المحدث فقال له: إن كنت صادقا فغفر الله لي، وإن كنت كاذبا فغفر الله لك.
وقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم غاية الحلم والعفو، ومواقفه حافلة في هذا الجانب، وكذلك الحال بالنسبة إلى الصحابة، وقد وردت آيات قرآنية كثيرة تشير إلى الحلم، وقد وصف المولى عز وجل نفسه بالحلم وسمى نفسه الحليم، قال تعالى (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب للمحسنين) [آل عمران].
فالحلم دعامة العقل والحليم عظيم الشأن بين الناس محمود الأمر ومرضي الفعل، يقول الإمام الشافعي:
يخاطبني السفيه بكل قبح
فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلما
كعود زاده الإحراق طيبا
وفي وصية حكيم لابنه: يا بني، من عفا ساد، ومن حلم عظم، ومن تجاوز استمال اليه القلوب.
وختاما، من غرس الحلم اجتنى ثمرة السلم، وخير الناس بطيء الغضب سريع الرجوع عنه، وشرهم سريع الغضب بطيء الرجوع للرضا، ومن كمال عقل المرء أنه إذا غضب لم يدخله غضبه في باطل، ومن إذا رضي لم يخرجه رضاه من حق، ودمتم سالمين.