الخلان والأخلاء هم أصدقاؤك المقربون، ولكن ليس كل صديق تظن به الخير تجده عند حسن ظنك، وخاصة خلان الرخاء، فهؤلاء أصحابك ما دمت قويا مقتدرا لديك المال والجاه، وبمجرد انتهاء هذا الجاه والمال يبتعدون عنك وكأنهم ليسوا بأصحابك الذين تعرفهم، وإن احتجت لهم فهم أشد بعدا ونفورا منك، وهم الذين نسميهم أهل المصالح، نحن نعلم أن كل شخص في هذه الدنيا يريد مصلحة نفسه ولا بأس في ذلك، ولكن أن تكون مصلحتك هي الهم الأول والأخير لك فهذا ما لا يجوز، وقديما قال الأجداد: الناس للناس والكل بالله، ولا أعمم هذا الأمر حتى لا يُفهم ما أقوله خطأ، ولكن هناك فئة من الناس باض الشيطان في صدورهم وفرخ، نسوا الله فأنساهم أنفسهم، فتجد أحدهم إن كان له عندي مصلحة صار صديقا لي لا يفارقني، وإن كانت له حاجة عندي صرت له أخا، وبمجرد انتهاء هذه الحاجة يتوارى عن الأنظار ويختفي، هذه الشريحة من البشر شعارها المصلحة أولا وأخيرا، وهم لا شك ضعاف النفوس، وتجدهم في كل مجتمع، ومن الخطأ بمكان أن نسميهم أخلاء أو أصدقاء، لا شك أنهم مخلصون ولكن ليس لنا وإنما لحاجاتهم، وفي الإسلام ترفض الصداقة القائمة على المصلحة والمنافع المادية والشخصية، وتفضل الصداقة المبنية على الإيمان والمحبة في الله، إن صداقة المصلحة منزوعة الوفاء أما الصداقة الحقيقية فلا حد لها ولا عد، ولقد أحسن الإمام الشافعي حيث يقول:
ما أكثر الأصحاب حين تعدّهم
ولكنهم في النائبات قليل
إن صداقة المصلحة خيط باطل واه سرعان ما ينقطع، فعلى المرء العاقل حسن اختيار صاحبه وألا يغتر بالمظاهر الزائفة، ومن ابتلي بمثل هؤلاء الناس، فليسارع بقطع حبال وصلهم فلا فائدة منهم، ودمتم سالمين.