الحكمة هبة من المولى عز وجل يؤتيها من يشاء من عباده، ولا شك في أنها نعمة وقد وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها ضالة المؤمن، والحكيم أيضا من أسماء الله الحسنى، ولأهمية الحكمة وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم عشرين مرة، لما لها من أهمية في حياة الناس، كما مجد الله تعالى نفسه بصفة الحكيم 91 مرة، وقرن الحكمة بالخير الكثير، وهذا واضح في قوله عز من قائل: (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب ـ البقرة: 269).
ولا شك أن الحكمة قيمة إسلامية رفيعة وفضل من الله تعالى والحكيم بطبيعته يغلب على تصرفاته العدل والعقل والذكاء والروية، فالحكيم لا يظلم ولا يجور ويقول الحق ولو على نفسه، ولا يؤخر عمل يومه إلى غده ويراقب الله فيما يفعله، وصفات كثيرة لا يستوعبها هذا المقال، والرابح حقا من كان له صاحب حكيم يرشده وينصحه ويهديه سواء السبيل، وقد وصف التابعي أبو الأسود الدؤلي من نهى نفسه عن غيها بالحكيم فقال:
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
ورسول الإنسان في قضاء حاجته دليل عقله وحكمته، فأنت إذا أرسلت في حاجتك رجلا عاقلا حكيما كفاك الحل والترحال وأدى رسالتك على أكمل وجه، وقد أورد صاحب جمهرة الأمثال مثل «أرسل حكيما ولا توصه» ضمن أبيات نسبها للزبير بن عبدالمطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم ومنها:
إذا كنت في حاجة مرسلا
فأرسل حكيما ولا توصه
ثم رأيتها في ديوان طرفة بن العبد على النحو التالي:
إذا كنت في حاجة مرسلا
فأرسل حكيما ولا توصه
وإن ناصح منك يوما دنا
فلا تنأ عنه ولا تقصه
وإن باب أمر عليك التوى
فشاور لبيبا ولا تعصه
فاللهم ارزقنا الحكمة وجنبنا الجهل وأهله، ودمتم سالمين.