الحقد داء دفين ومرض عضال يكاد يقضي على صاحبه في الدنيا والآخرة، فالمسلم يحب لغيره ما يحب لنفسه، والضغينة شعور بالكراهية وإضمار الشر للغير وتحيّن الفرصة لإيذائهم، والحقد يعمي البصر والبصيرة فيضع غشاوة على العين وغطاء على العقل، حتى إنه يدفع بصاحبه أن يرى الحق الأبلج باطلا والشر خيرا، ومن أضراره، وهي كثيرة، التأثير سلبا على علاقة الحاقد بربه، وابتعاد الناس عنه وقطع علاقتهم به. إن الحقد حمل ثقيل وشقاء طويل، والحقود يعرف مهما أخفى حقده وتظاهر بخلاف ذلك. يقول عثمان بن عفان رضي الله عنه: ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله عز وجل على صفحات وجهه وفلتات لسانه.
وقد قال الشاعر زهير بن أبي سلمى:
ومهما تكن عند امرئٍ من خَليقةٍ
وإن خالها تخفى على الناس تُعلمِ
إن الحقد مفتاح كل شر، ومصدر للرذائل التي حذر منها الإسلام، لذلك عده بعض العلماء من كبائر الباطن التي ينبغي على المسلم أن يتنزه عنها.
أما سلامة الصدور فهي طريق ممهد للجنة بإذن الله. دخل زيد بن أسلم على أبي دجانة الأنصاري في مرضه الذي مات منه، فرأى وجهه متهللا فسأله عن سبب ذلك، فقال: ما من شيء عملته أوثق من اثنين، أما أحدهما فكنت لا أتكلم بما لا يعنيني، وأما الأخرى فكان قلبي للمسلمين سليما. وهكذا ينبغي أن يكون خلق المسلم، ولنا في الأنصار القدوة عندما استقبلوا المهاجرين وشاطروهم أموالهم ومنازلهم، فقال فيهم المولى عز وجل (والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ـ سورة الحشر: الآية 9).
في النهاية، لا راحة ولا طمأنينة لحاقد، فضرر الحقد على الحقود كبير، فعلى المرء الذي يشعر بالحقد تجاه غيره أن يرعوي ويستكين، ويتذكر أن الله تعالى بالمرصاد، يراه ويسمعه. ودمتم سالمين.