دوام الحال من المحال، ولا يبقى شيء على حاله في هذه الدنيا، والله تعالى وحده هو المتصرف في كل شيء، وهو الحكم العدل وكفى بالله وكيلا، فالله عز شأنه قادر على تغيير الأحوال التي نعيشها، فالأقدار كلها بيده، فهو إذا أراد شيئا قال له«كن فيكون»، ومن هنا أقول إن علينا نحن البشر أن نسلم بهذا الأمر ولا نقنط من رحمة الله، فما من شدة إلا يتلوها الفرج، ولله در القائل:
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج
ولنحذر اليأس فإنه محطم للآمال، ومثبط للعزائم، وكاسر الهمم، وقد يوصل اليأس المرء إلى انقطاع الأمل، وفي ذلك سوء ظن بالمولى عز وجل، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، فقد كان متفائلا في كل أموره، واثقا بربه في كل وقت، محسنا به الظن في كل أحواله، رغم ما تعرض له من شدة وبلاء وإيذاء، ومع ذلك كان دائما يبشر أصحابه بالنصر والظفر والأمن والسعة، رغم معاناتهم من الفقر والبلاء والاستضعاف، فكان الأمر كما قال صلى الله عليه وسلم، فتأملوا قول المولى عز وجل: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) الطلاق، ولكن علينا أن نعلم تمام العلم (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد: 12.
وختاما يقول الشاعر:
دع المقادير تجري في أعنتها
ولا تبيتن إلا خالي البال
ما بين غمضة عين وانتباهتها
يغير الله من حال إلى حال
ودمتم سالمين.