الرحمة تعني الرأفة والشفقة والتسامح واللين والعطف، والله سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم، والقائل في محكم كتابه (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) (آل عمران: 195).
وقــد روي فــي السيرة الشريفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قبّل حفــيده الحسن بن علي رضي الله عنه وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «من لا يرحم لا يرحم» (متفق عليه). إن الرحمة سفينة النجاة لكل راحم بإذن الله، فبها تجتمع الكلمة وتموت الفرقة ويعيش الناس بسلام ووئام، ولو تأملنا القرآن الكريم لوجدنا أن الرحمة من أكثر الصفات ذكرا فيه، فهي ركيزة عظيمة يبنى عليها مجتمع متماسك يرحم بعضه بعضا.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» (رواه الترمذي) إن الرحمة رحمتان: رحمة الله بنا، وتراحمنا فيما بيننا، ومن علامات سعادة المسلم أن يكون رحيم القلب والرحيم أولى الناس برحمة الله، كما أنه أحب الناس إلى الناس والأقرب إلى قلوبهم، وهو الأحق بدخول الجنة بإذن الله لأن الجنة دار الرحمة ولا يدخلها إلا الراحمون.
وقد روي أن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فطلب منه أن يلين للناس لأن الناس خافته حتى الأبكار في خدورهن، فقال عمر: إني لا أجد لهم إلا ذلك، ولو أنهم يعلمون ما لهم عندي من الرأفة والرحمة والشفقة لأخذوا ثوبي من عاتقي.
ويقول الحافظ زين الدين العراقي:
إن كنت لا ترحم المسكين إن عدما
ولا الفقير إذا يشكو لك العدما
فكيف ترجو من الرحمن رحمته
وإنما يرحم الرحمن من رحما
وختاما، فالرحمة من الأخلاق السامية، والسجايا العظيمة، وهي مبدأ أساس في شريعتنا السمحة، ودمتم سالمين.