هو يوم لكنه ليس كسائر الأيام، يوم ثابت في الذاكرة لا يزول بكل ما حمل من ويلات ودمار ومآس مازلنا نتذكرها رغم مرور خمسة وثلاثين عاما على ذاك اليوم الأسود، نمنا في أمان الله واستيقظنا على أصوات المدافع والطائرات والدبابات، ويالهول المفاجأة، طعنة نافذة في الظهر من الجار الذي لم نذخر عنه شيئا في أحلك ظروفه، ووقفنا معه في السراء والضراء، لا جرم، فمن كان صديقنا أصبح عدونا بقدرة قادر، بسبب أطماع الدنيا، ونهب ما حبانا الله به من خيرات، وهكذا يكون الغدر، وهذه هي الحقيقة المرة:
أريد حياته ويريد قتلي
عذيرك من خليلك من مراد
في الثاني من أغسطس عام 1990 اجتاحت القوات العراقية الكويت ضاربة بعرض الحائط كل القوانين الدولية والأعراف والأديان السماوية، فدمرت الأخضر واليابس، وروعت الآمنين، وقتلت أناسا أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم كويتيون، أعلم أن كثيرا من العراقيين لا ذنب لهم في ذلك، ولكن هذا ما حصل وما رأيناه نهارا جهارا، وهو يمثل غباء وجهلا مطبقا بكل القواعد المتعارف عليها. لا شك أننا تضررنا ماديا ومعنويا وخسرنا شهداء وجرحى ولكننا أثبتنا للعالم كله ترابطنا وتلاحمنا ورفضنا القاطع للغزو، ما جعل العالم كله يقف معنا، وليس أدل على ذلك من وقوف العالم في الأمم المتحدة للخطاب الشهير الذي ألقاه سمو أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، في 27 سبتمبر بعد الغزو البغيض بـ 57 يوما، فعلمنا أن الله معنا، وان النصر قريب، وأيقنا أن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وأن لنا اخوة مصير أبناء عمومتنا أهل الخليج وحكامهم الذين بذلوا قصارى جهدهم من أجل تحرير الكويت، ومازالت كلمة الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، ترن في آذاننا «ما فيه سعودية وكويت يا نعيش سوى يا نروح سوى»، أسأل الله أن يحرم وجهه على النار، عرفنا عدونا من صديقنا، فلم نعد نجامل على حساب الوطن، وعلمنا أن من يتعرض للكويت بشرّ يدفع ثمنا غاليا والتاريخ يشهد بذلك، فحفظ الله الكويت وأهلها من كل سوء، ودمتم سالمين.