«الجايات أحسن مــن الرايحات».. هذا مثل شعبي معروف عندنا وفي عـدد من الدول العربية، يحمل شحنة مـن الإيجابيات ودعوة إلى التفاؤل والأمل وعدم القنوط واليأس، فالخير سيأتي في قادم الأيام، والمستقبل سيكون مشرقا، بإذن الله تعالى، ومادام المرء متوكلا على ربه ولديه المزيد من الصبر والاصرار فحتما سيصل إلى ما يريد، يقينا بقول الله تعالى في محكم كتابه (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا - الطلاق: ٢ - ٣).
ويقال هذا المثل عادة لمن فشل في مشروع ما، أو مني بخسارة لتشجيعه ومواساته فالقادم أفضل، فكن إيجابيا ولاتكن سلبيا، ولا تفكر بما مضى، فما مضى ولى وانقضى ولن يعود، يقول الشاعر:
اليأس مما فات يعقب راحة
ولرب مطمعة تكون ذباحا
فعلينا أن ننظر لما هو قادم، ونستعد له، ونهيئ أسباب النجاح ما استطعنا، ويجب ألا تستسلم لليأس فرب ضارة نافعة ونحن لا نعلم، ومثلما يقال: «خيرها بغيرها».
روي أن السلطـان أمر جحا أن يعد موجات البحر، فذهـب جحا إلى البحر ولسان حاله يقول: مرغم أخوك لا بطل، فلا سبيل لرفض أمر السلطان، ثم جلس المسكين طويلا يعد الموجات حتى مل من كثرة ما عدّ، فقام وعاد إلى منزله، ولم يخبر السلطان بالنتيجة، فأرسل له السلطان وأحضره ثم سأله: ما فعلت فيما كلفتك به؟ فقال: يا مولاي، الجايات أكثر من الرايحات، فعدد الموجات القادمة لا يمكن حصرها لكثرتها، فصار مثلا يقال لكل من لم يحقق ما يريد تشجيعا له وشدا من أزره ولتطمينه بأن الآتي أفضل.
ودمتم سالمين.