«لكل جواد كبوة».. هذا المثل من الأمثال المعروفة في معظم البلاد العربية، يظهر لنا أن المرء غير معصوم من الزلل والخطأ مهما كان ذكيا وحريصا، فمن من البشر لم يكب؟
فكلنا خطاؤون أبناء خطائين، والكمال لله وحده، و«الجواد» في المثل رمز للشخص الذكي القوي ذي المكانة العالية والقدرات الكبيرة، والكبوة تعني العثرة والسقطة، والمثل أورده الميداني على النحو التالي: لكل صارم نبوة، ولكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة، أما صاحب هذا المثل فهو ابن القرية أيوب بن يزيد بن أيوب، وهو أعرابي أميّ اشتهر بالفصاحة والخطابة ويضرب به المثل في البلاغة وسرعة البديهة والبيان حتى قيل في الأمثال: أبلغ من ابن القرية، ومن أقواله السائرة: الرجال ثلاثة، «عاقل» و«أحمق» و«فاجر»، فـ «العاقل»، الدين شريعته، والحلم طبيعته، والرأي الحسن سجيته، إن سئل أجاب، وإن نطق أصاب، وإن سمع العلم وعى، وإن حدث روى.
وأما «الأحمق» فإن تكلم عجل، وإن حدث وهل، وإن حمل على القبيح حمل.
وأما «الفاجر» إن ائتمنته خانك، وإن حادثته شانك، وإن وثقت به لم يرعك، وإن استكتم لم يكتم، وإن علم لم يعلم، وإن حدث لم يفهم، وإن فقه لم يفقه، وقد قتل ابن القرية الحجاج بن يوسف بعد أن شارك ابن الأشعث في ثورته على عبدالملك بن مروان، والحقيقة أن الخطأ وارد في كل الأحوال، ما دمت تعمل في هذه الدنيا، ولكن الإنسان العاقل يستدرك خطأه ولا يعاوده، وإن أخطأ في حق غيره اعترف واعتذر لمن أخطأ في حقه، فالاعتراف بالخطأ شجاعة وفضيلة وتعد من مكارم الأخلاق، والدنيا تجارب ودروس يجب على المرء أن يتعلم منها.
ودمتم سالمين.