الزلة هي العثرة والسقطة، واللسان هو عضو النطق والكلام في الفم، وزلة اللسان ليس كمثلها زلة، وقد قيل «عثرة القدم أسلم من عثرة اللسان»، فعثرة الرجل عظم يجبر، وعثرة اللسان لا تبقي ولا تذر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب» [رواه مسلم ].
وقد صور لنا الشاعر ابن السكيت زلة اللسان تصويرا بليغا فقال:
يصاب الفتى من عثرة في لسانه
وليس يصاب المرء في عثرة الرجل
فعثرته بالقول تودي برأسه
وعثرته بالرجل تبرأ على مهل
والعاقل يحبس لسانه إلا عن الخير، ويتجنب اللغو من القول والباطل، ولا يفرط في المزاح، ففي ذلك سقوط للوقار، وإثارة للضغائن والأحقاد، كما أنه يعرض عن الجاهل ولا يجيبه حتى وإن خاطبه بما يكره، مصداقا لقول البارئ عز وجل (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) [الفرقان: 63].
وكان الخليفة الصالح عمر بن عبدالعزيز يقول «من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه»، وقال حكيم «منذ ثلاثين عاما ما تكلمت بكلمة أحتاج أن أعتذر منها». ومن عجائب ما يروى في زلة اللسان ان الشاعر المؤمل بن أميل قال:
شف المؤمل يوم الحيرة النظر
ليت المؤمل لم يخلق له بصر
فرأى في منامه قائلا يقول له «هذا ما تمنيت، فأصبح أعمى، والبلاء موكل بالمنطق». ودمتم سالمين.