تتسم الحياة في غزة اليوم بتناقضات عميقة، فبينما تتجدد أحداث التصعيد وتتصاعد موجات العنف، يظل الصمود عنوانا يلخص روح أهلها الذين يتحدون الظروف القاسية بقوة الإرادة والأمل في مستقبل أفضل.
ولا يكفي مجرد سرد لآلام غزة دون الإشارة إلى التحديات اليومية التي يواجهها سكانها، فالحصار المستمر يفرض قيودا اقتصادية وصحية تضاعف من معاناة المواطنين. الطرق المقطوعة، والمستشفيات المثقلة بالأمراض، والافتقار إلى المواد الأساسية، كلها عوامل تجعل الحياة في غزة تتسم باللاإنسانية في كثير من الأحيان. ومع ذلك، تستمر أصوات المقاومة والإبداع في الظهور وسط الظلام، لتذكر الجميع بأن الأمل يمكن أن يولد حتى في أحلك الظروف.
ويرى كثير من المواطنين أن الصمود ليس مجرد موقف سلبي يستجيب للقهر، بل هو فعل إيجابي يستمد قوته من تراث طويل من النضال والتضحية، فالصمود في غزة يشمل جوانب متعددة، من مقاومة الاحتلال على المستوى السياسي إلى المقاومة اليومية في مواجهة الجوع والحرمان.
وفي هذا السياق، تتجلى روح الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطيني، الذين يجمعهم حب الوطن ورغبة لا تنتهي في استعادة الحقوق المفقودة.
ويظل الواقع في غزة متشابكا مع السياسات الدولية والإقليمية التي غالبا ما تبدو وكأنها تلعب دور المتفرج عن قرب، بينما يستنزف المواطن البسيط، فالقرارات السياسية التي تتخذها القوى الإقليمية والعالمية تترك بصماتها على حياة غزة، مما يزيد من تعقيد الحلول الممكنة للصراع ومع ذلك، يبقى السؤال قائما: هل يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاوز سياساته الباردة ليجد أرضا خصبة لمبادرات سلام حقيقية ومستدامة؟.
إن الأمل في غزة ينبع من قدرة شعبها على تحويل الألم إلى قوة دافعة للتغيير والتجارب الصعبة التي يمر بها السكان ليست نهاية المطاف، بل هي دعوة للتأمل في كيفية إعادة بناء مجتمع يتعلم من تجاربه السابقة، ويترتب على ذلك ضرورة فتح حوار حقيقي يشمل كل الأطراف المعنية، مع التركيز على الجوانب الإنسانية التي تجمع بيننا جميعا بعيدا عن الخلافات السياسية. إن بناء مستقبل أفضل لغزة يبدأ من استثمار الجهود المحلية ومن ثم توجيه الدعم الدولي نحو تحقيق السلام والعدالة.
وفي الختام أقول: بينما يستمر تصاعد العنف والتصعيد العسكري في غزة، يبقى الصمود الأمل الذي يتسلل إلى كل زاوية من زوايا هذا القطاع المحتضر. إننا بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة النظر في السياسات التي أثرت سلبا على حياة ملايين البشر، والعمل على خلق مناخ يسوده الحوار والتعاون لتحقيق مستقبل يعيد لأهل غزة كرامتهم وحقوقهم.
في هذا السياق، تبقى غزة رمزا للمقاومة والتحدي، وتأكيدا على أن الحياة تستمر رغم كل الظروف.
Meshari-melfy@hotmail.com