في خطوة أعادت رسم ملامح التفاعل الدولي مع الملف السوري، أعلن رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب في العاصمة السعودية الرياض مؤخرا رفعا للعقوبات المفروضة على سورية، وهي خطوة تأتي في سياق تحولات سياسية واقتصادية إقليمية لافتة، ودور متزايد للدول العربية في إعادة سورية إلى محيطها.
فإذا سلطنا الضوء على خلفية العقوبات الأميركية فمنذ عام 2011، فرضت واشنطن حزما من العقوبات على سورية، أبرزها قانون قيصر مستهدفة النظام ومؤسساته الحيوية، ورغم أن الهدف المعلن كان حماية المدنيين والضغط من أجل انتقال سياسي، إلا أن العقوبات أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد السوري والمعيشة اليومية للسكان.
وذلك حتى أشرقت عليها شمس الدور السعودي بديبلوماسيته الهادئة وتحركاته المؤثرة من بين أبرز الدول العربية التي قادت تحركا باتجاه إعادة دمج سورية في المشهد العربي والدولي، برزت المملكة العربية السعودية كلاعب محوري.
وبحسب تقارير صحفية غربية وشرق أوسطية موثوقة، كانت الرياض قد طلبت من الإدارة الأميركية تخفيف العقوبات المفروضة على سورية وذلك ضمن مساعٍ عربية لتقليص النفوذ الخارجي لاسيما الإيراني داخل الأراضي السورية، وإعادة التوازن في منطقة الشام.
السعودية أدارت هذا الملف بقدر عال من الحذر السياسي، مدفوعة برؤية تقوم على أن عزل سورية لا يخدم الاستقرار الإقليمي، والعمل على إشراكها في الحل السياسي وعدم تركها ساحة مفتوحة لصراعات القوى الدولية.
في لحظة سياسية دقيقة، تلوح في الأفق بوادر تغيير تتجاوز حــدود دمــشق، فرفع العـــقوبات الأمــيركية عن سورية لا يــبدو مــجرد خطوة معزولة بل يعكس ديناميكية إقليمية تقودها الرياض، وتضع أسسا جديدة لإعادة ترتيب التوازنات، اقتصاديا، هو تنفس مشروط سياسيا هو اختبار لإمكانية إعادة تأهيل النظام وإقليميا هو مشهد تتصدره السعودية بثقلها الديبلوماسي.
ختــاما، مــن واشنطن إلى الريــاض.. والعــين على دمشق إن رفــع العقوبات قــد يكون بداية اختــبار حقيقي لقدرة النظام السوري على التــعامل مع المتغيرات، وللقدرة العربية وخاصة السعودية على إعادة صياغة المشهد السوري بما يخدم الاستقرار والمصالح المشتركة، السعودية اليوم لا تعيد سورية فقط إلى الطاولة العربية.. بل تعيد تشكيل ديبلوماسية التأثير العربي على القرار الدولي.
Meshari-melfy@hitmail.com