كان بإمكان الكويت استغلال الكثير من الفرص خلال سنوات مضت واستثمارها بشكل فعال في تنفيذ العديد من مشاريعها التنموية، ورغم ما تمتلكه من إمكانيات مالية وبشرية كبيرة، فقد واجهت مسيرة التنمية تحديات متنوعة، منها وجود بعض التعقيدات البيروقراطية وتباين الأولويات، ما انعكس على تأجيل عدد من المشاريع الاستراتيجية التي كان من شأنها أن تسهم بدفع عجلة التقدم.
اليوم، في عهد صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله ورعاه، يبرز توجه جديد يضع ملف التنمية في صدارة الأجندة الوطنية، حيث تعمل الحكومة على تسريع وتيرة الإنجاز في مشاريع البنية التحتية، وتنويع مصادر الاقتصاد، وتهيئة بيئة استثمارية منافسة، بما يعزز مكانة الكويت كمركز اقتصادي في المنطقة.
ولا يقتصر التوجه الراهن على استكمال المشاريع المتأخرة فحسب، بل يتعداه إلى رؤية أشمل تقوم على فتح آفاق جديدة في قطاعات السياحة، والخدمات اللوجستية، والتكنولوجيا الحديثة، كما يجري العمل على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتطوير التشريعات التي تسهل بيئة الأعمال وتسرع الإجراءات.
ورغم هذا الزخم الإيجابي، فإن النجاح المستدام يتطلب معالجة تحديات قائمة مثل البيروقراطية وضعف التنسيق المؤسسي، إلى جانب الحاجة لتخطيط استراتيجي بعيد المدى يضمن استمرارية العمل وتفادي العودة إلى دوامة التأجيل. وهنا تبرز أهمية التحول الرقمي في الإدارة الحكومية، والاستثمار في الكفاءات الوطنية، وإعادة استقطاب الخبرات المهاجرة، لضمان استدامة التنمية عبر الأجيال.
إن الكويت اليوم أمام فرصة تاريخية لتعويض ما فات من خلال إكمال المشاريع القائمة والعمل على تحقيق وإنجاز مشاريع حيوية جديدة ومتكاملة لتعيد تموضعها على خريطة التنمية الإقليمية والعالمية بشكل فعال. وإذا تضافرت الجهود الرسمية والشعبية لتحويل الإرادة السياسية إلى إنجازات عملية ملموسة، فإن البلاد ستستعيد دورها الرائد كنموذج في التنمية المستدامة ومركز اقتصادي يليق بتاريخها العريق ومكانتها المرموقة في جميع المجالات.
Meshari-melfy@hotmail.com