Meshari-melfy@hotmail.com
شهدت منطقة الخليج العربي في الأيام الأخيرة تصعيدا غير مسبوق، بعد قيام الكيان الصهيوني بشن هجوم على دولة قطر الشقيقة، وهو ما أثار مخاوف واسعة من تداعيات أمنية وسياسية على دول الخليج الآمنة والمستقرة والتي يحسدها الكثيرون على ما هي عليه من نعم وخيرات.
ويعد الهجوم الصهيوني الغادر على الدوحة خطوة خطيرة، تتجاوز الاعتداء على دولة بعينها، لتصبح تحديا مباشرا للوحدة العربية والإسلامية.
وكشف التهديد الأمني الذي واجهته قطر عن «مدى هشاشة التنسيق بين بعض الدول العربية» وأبرز الحاجة الملحة إلى بناء تضامن خليجي فعال يتجاوز البيانات والشعارات، لمواجهة أي تصعيد مستقبلي.
على المستوى الأمني، فإن أي عمل عدائي ضد دولة خليجية، حتى لو كان محدودا، يحمل مخاطر كبيرة على المنطقة، بما في ذلك تهديد خطوط الملاحة، واستهداف المنشآت الحيوية للطاقة، وزعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي.
وقد أثار هذا التصعيد الخطير موجة إدانات عربية وإسلامية ودولية، وأدى إلى عقد قمة عربية وإسلامية طارئة في الدوحة لمواجهة تبعات العدوان، ووضع العرب والمسلمين أمام امتحان حقيقي لإرادتهم وقدرتهم على حماية أمنهم المشترك.
ونجحت القمة العربية الإسلامية الأخيرة في قطر في إيصال رسالة واضحة بأن الاعتداء على أي دولة خليجية أو عربية يعد انتهاكا للمبادئ الأساسية للأمن الجماعي، وأن التكاتف العربي والإسلامي هو السد المنيع أمام التهديدات الخارجية.
ولعبت الكويت دورا محوريا في تعزيز هذه الرسالة، من خلال مبادراتها الديبلوماسية التي ركزت على تعزيز الحوار وتجنب الانقسامات، ودعم القنوات التفاوضية لتخفيف التوترات، بما يسهم في حماية المصالح الخليجية المشتركة.
ولعل من أهم الدروس المستفادة من الاعتداء الصهيوني الجبان على دولة قطر الشقيقة، أن أمن الخليج لا يحتمل التفكك أو الانقسام، وأن التنسيق السياسي والعسكري والاقتصادي بين الدول العربية يمكن أن يردع أي محاولات لتقويض استقرار المنطقة، كما أن التضامن الشعبي بين شعوب المنطقة يعزز من قوة أي موقف ديبلوماسي مشترك، ويمنح الحكومات القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة دون المخاطرة بالتأثيرات السلبية على الداخل.
إن مواجهة التحديات التي تهدد منطقتنا ودولنا تتطلب نهجا متكاملا يعتمد على تعزيز التنسيق الاستخباراتي والأمني عبر إنشاء آلية خليجية مشتركة لتبادل المعلومات الاستخباراتية بين دول الخليج لرصد أي تهديدات محتملة، وتطوير نظم دفاع جوي متقدمة لحماية الأجواء الخليجية والمرافق الحيوية، ووضع خطط طوارئ للحفاظ على المؤسسات الحيوية في أوقات الأزمات، مع استمرار التمسك بخيار السلام والقنوات الديبلوماسية للتوصل إلى حلول سلمية للنزاعات الإقليمية، وتوطيد العلاقات مع جميع الدول، وعدم الارتهان إلى حليف واحد فقط.
وفــي الخـتام، فإن الخليج أمام لحظة مصيرية، إما أن يتوحد العرب والمسلمون في مواجهة التحديات، أو يظل العدو يستفرد بدولنا واحدة تلو الأخرى، وما جرى في قطر يذكر الجميع بأن أمن المنطقة كل لا يتجزأ، وأن الحماية الحقيقية تكمن في وحدة الصف وتكامل الجهود، رسميا وشعبيا، سياسيا واقتصاديا وأمنيا، تحت مظلة شاملة تحفظ المصالح الخليجية والعربية والإسلامية المشتركة.