زرع الصداقة يحتاج للصدق والوفاء في كل الأنحاء، وقد يبدأ تكوين الصداقات من الأسرة بكل مجموعاتها، ثم تعمقها مجموعة من العوامل أبرزها، الغربة والأسفار التي تفرز تلك الصداقات وتزيد من معرفة الآخرين، حيث هناك حكمة قديمة مفادها أنه لا تعرف الشخص حق المعرفة ما لم تجرب التعامل معه لاسيما خلال السفر أو عند الحاجة لوقوفه إلى جانبك في موقف ما أو أزمة تحتاج فيها إلى الدعم.
كذلك فقد علمتنا الحياة وتربية الأهل والوالدين كيفية تمحيص البارز من الأصدقاء، واختيار المناسب منهم حتى يكون مصدرا لتعلم خلق طيب أو سماع كلمة طيبة أو تعزيز حسن الخلق الذي ينشأ عليه المرء في أسرته. وفي هذه الأيام سيطرت الأجهزة الإلكترونية العابثة على كل أمورنا، فصار أصدق الأصدقاء هو الهاتف النقال، وما يقدمه من كنوز المعرفة عن العالم من اخبار وتسالي ورياضة ومعلومات، حيث يتحرك معك أينما تذهب، وكيفما تشاء، فلا تستغي عنه ولو للحظات، فإذا ما غاب عنك بتركه خارج يديك، او في مكان ما فإنك تشتاق إليه وتفتقده بشده.
ولايزال دور هذا الجهاز الساحر يتعاظم حيث تتجدد معلوماته شيئا فشيئا، وتفرح بأخباره، وقد تحزن لغياب ذلك الصديق الوفي، وذلك على الرغم من برامجه المدسوسة في بعض الأحيان لتدمير الأجيال، والأسر، والجماعات، لدرجة بروزها بترويج خارج بلادنا لإقناع أجيالنا بالتمرد على الأسر، حتى لا تكون بشكلها المعروف في قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، فتجد في الغرب الأسر بلا أم أو أب أو أحساب، وأنساب، ومصدر كل ذلك في هذه الأمم من الأفكار ما شذ عن الفطرة.
أما نحن في مجتمعاتنا المسلمة، فلله الحمد والفضل والبركة لأننا في عالم مطمئن مستقر بدياناته الكتابية، التي تحجز كل هذه الافكار الشاذة وتطردها وتحارب أصولها وفصولها أفرادا وجماعات، فهؤلاء لهم مناهجهم ولنا غير ذلك بقدرة خالق عظيم، ونبينا الحليم، وكتابنا المبارك.
حفظ الله الكويت وقيادتها وشعبها من كل مكروه وسوء.