تصور عزيزي القارئ أن كلمة جارحة تفرق بين أب وابنه لمدة 15 سنة وإليكم الموقف:
ابن عمره 14 سنة، طلب منه والده ان يقوم بخدمة الضيوف في المجلس عندما يأتون إلى بيتهم.
تأخر الابن قليلا.. فلما حضر إلى المجلس: «مسكه والده وهزه بقوة وقال له: أنا أدري أنك جاهل، ولا أنت برجل، ولا تستاهل إنك تدخل إلى الرجال، ضع دلة القهوة من يدك واذلف!! أهان الأب ابنه في المجلس امام الضيوف.. فيا ترى كيف كانت ردة فعل الابن؟
وضع الابن دلة القهوة على الطاولة وخرج من البيت ولم يعد إلا بعد 15 سنة! والسبب كلمة جارحة بين الأب لابنه امام الضيوف. يا ترى كم من كلمة جارحة تسببت في الفراق بين الازواج، فمثلا يقول الزوج لزوجته كلمة جارحة فيقع الطلاق على أثرها.. وقد تقول الزوجة لزوجها عند الغضب «إذا أنت رجل طلقني».. فيطلقها زوجها فورا دون تردد!
وكم من كلمة جارحة قيلت في الديوانية أو في أي تجمع آخر تسببت في الزعل والقطيعة بين الناس.
يقول الشاعر:
جراحاتُ السنان لها التئامُ
ولا يلتام ما جَرَحَ اللسانُ
فالكلام القاسي والجارح قد يعلق في الذاكرة اكثر من الضرب، ويترك أثرا لا يُمحى بسهولة، كطرقك للمسمار في خشب، والاعتذار كنزعك ذلك المسمار من الخشبة، لكن هل تزول تلك الحفرة التي أحدثها المسمار؟
إذن علينا ان نفكر قبل ان نتكلم، وكيف نستخدم ألسنتنا لبناء الآخرين لا لهدمهم.
فالكلمة الطيبة صدقة، والكلمة الجارحة قد تكون إثما أو سببا للزعل والقطيعة والندم.
وصدق رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا، أو ليصمت».
اقرأ واتعظ:قال تعالى: (وقولوا للناس حُسنا) البقرة 83.
٭ يقول فضيلة الشيخ علي الطنطاوي، رحمه الله: «هناك كلمة تُعمر، وهناك كلمة تدمر، فأحسن اختيار كلماتك».