حث ديننا الإسلامي على النصيحة، وأمر بها، وهي تُعتبر وسيلة من الوسائل المفيدة لصلاح الفرد والمجتمع، وهي دليل على محبة الخير للغير. وفي هذا المقام قال الإمام الشافعي، رحمه الله، الأبيات الشعرية التالية:
تعمدني بنصحك في انفرادي
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع من
التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي
فلا تجزع إذا لم تُعط طاعه
هذه الأبيات الشعرية الجميلة للامام الشافعي، رحمه الله، ذكرتني بموقف أجمل للإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله، وهو ينصح على انفراد، وإليكم الموقف:
«قال هارون بن عبدالله الحمّال: جاءني أحمد بن حنبل بالليل فدق الباب عليَّ فقلتُ: من هذا؟ فقال: أنا أحمد بن حنبل، فبادرتُ اليه فسلم عليَّ وسلمت عليه، وقلتُ: حاجة يا أبا عبدالله؟ قال: نعم شغلت اليوم قلبي، قلتُ: بماذا يا أبا عبدالله؟ قال: مررتُ عليك اليوم وشاهدتُك وأنت قاعدٌ تُحدث الناس في الفيء والناس في الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر، لا تفعل ذلك مرة أخرى يا هارون إذا قعدت فاقعد مع الناس».
نعم، هكذا تكون النصيحة على انفراد وليس أمام الناس في الديوانية أو في أي مجلس، لأن المنصوح في حال نصحه على انفراد سوف يستمع إليك ويقبل نصيحتك بكل سرور. أما إذا كانت النصيحة في الجماعة، فربما يتضايق المنصوح ويعتبرها نوعا من التوبيخ والاهانة والفضيحة، ولا يقبل نصيحتك!
لذا عزيزي القارئ عليك بالنصح على انفراد، وامدح على رؤوس الاشهاد.
٭ اقرأ واتعظ: قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النصيحة: قال عمر الفاروق: «لا خير في قوم ليسوا بناصحين، ولا خير في قوم لا يحبون النصح، وخير الرفاق من تحابوا وتناصحوا».