حينما يخرج المــولود إلى الدنيا تنهال عليه القبلات من أمه وأبيه، وأخته وأخيه، ومن جميع من حوله من العائلة، الكل يحاول احتضانه والكل يسعى إلى إشباعه، حتى يشعر بالأمن والأمان، فهو قد خرج لعالم جديد عليه بالكلية بعد أن جلس قرابة التسعة شهور في مكان وعالم مختلف عليه.
إشعار الطفل بالأمان يكون بالتلامس الجسدي عن طريق «الاحتضان»، والقبل المباشرة، والهمس له بكلمات الحب والامتنان، فيخرج الطفل إلى الدنيا وهو يشعر بالحب لمن هم حوله والامتنان لمن هم بالقرب منه، لأنهم اشبعوه فلابد وأن يبادلهم هذا الشعور وهذا الحب.
يكبر الطفل ويشيخ من حوله، وتتحول الرغبات، وتتبدل المشاعر، ويتغير اتجاه البوصلة، فمن كان يعطي الاهتمام أصبح يحتاجه، ومن كان يزرع الحب أصبح يرغب في حصاده، ومن كان يمنح الأمل أصبح يرنو لنيله.
يحصد الآباء سنوات تعبهم وجهدهم وسهرهم مع أبنائهم حينما يكبر بهم العمر ويرق منهم العظم ويضعف عندهم الجسد، فتجدهم يحتاجون لهذه القبلات التي أرسلت، وللأحضان التي احتوت، وللمشاعر التي أعطيت.
المعادلة الكونية «كما تدين تدان»، وعلى قدر ما تمنح ستُمنح، والبذور ستنبت لا محالة بالأرض الخصبة، والمعروف لا يضيع بين الناس، والقبل الصادقة التي نالها الأبناء، ستُمنح للآباء حينما يكبرون.
asfor83@gmail.com